للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولمن العتاب؟ ولمن التهديد؟ لصفوة الله من خلقه وأنبيائه المرسلين إلى عباده فكيف يكون الحال بالنسبة لمن خالف صريح أمره وارتكب صريح نهيه وعصى محكم شرعه.

إن في ذكر هذه الألوان من العتاب إيجاد حاجز نفسي بين العباد وبين المعصية ومخالفة شرائع الله.

وبالنسبة لمعاتبة موسى عليه السلام التي نحن بصدد الحديث عنها فهناك احتمالان لا ثالث لهما:

أ- إنه نسي رد الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، كما نسي غيره من الأنبياء والمرسلين: كما نسي آدم عليه الصلاة والسلام، وكما نسي سليمان عليه السلام وكما نسي محمد صلى الله عليه وسلم {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} .

ولكن النسيان في أمور الشرائع والعبادات لا يخلو من نوع من الأثر والتعقيب أو التعليق، فالنسيان في بعض العبادات يجبر بعمل لاحق كالصلاة، وفي بعض المعاملات بتحمل الآثار المالية وإن كانت المؤاخذة الأخروية غير واردة في شأن النسيان فإن التنبيه أو العتاب الدينوي مما يقوم الأمر ويعدله.

هذا لعامة الناس، فكيف الأمر بالنسبة للقدوة وأئمة الهدى الذين تكون أقوالهم وأفعالهم وإقرارهم تشريعًا.

ب- إن موسى عليه السلام عندما نفى أن يكون من الناس من هو أعلم منه، إنما قصد الناس من أمته من بني إسرائيل وفي أمور الشرائع التي كلف بها ومن المعلوم عند العلماء، أن الرسول أعلم الناس بأمور الشرائع المنزلة عليه.

فيستحيل أن يكون في أمته من هو أعلم منه ولو بجزئية من الشريعة لأن في ذلك خدشًا لمقام النبوة.

وقد ذهب بعض العلماء كالإمام الفخر الرازي إلى أن النبي أعلم الناس من أمته بجميع العلوم الموجودة في عهده -ولم يقصرها على الشرائع- لذات

<<  <   >  >>