والمذهب الثاني للمفسرين: هو أن الخضر اختار الكلمات والأسلوب قصدًا إلى التعليم وإبراز مكانة العلم وعزته، لذا جاء قوله مؤكدًا بخمس مؤكدات: أ- "إن" المفيدة للتوكيد. ب- لن والنفي بها آكد من النفي بغيرها من أدوات النفي. جـ- العدول عن -لن تصبر- إلى قوله: {لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} وذاك يفيد نفي الصبر بطريق برهاني فكأنه قال له: إني مطلع على أحوالك وقدرتك على الاحتمال فوجدتك بعد المعاينة أنك لا تستطيع الصبر. د- تنكير "صبرًا" في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، فكأنه قال: لا تصبر معي أصلًا شيئًا ولو يسيرًا من الصبر. هـ- ثم تعليل عدم الصبر بعدم إحاطته بهذه الأمور مؤكد خامس. فعلى هذا المذهب قول الخضر: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} تعجيب من شأنه وتوجيه تربوي لاستشرافه وعزمه. ولعل ما تقدم في الحديث الصحيح من دوافع الخروج ونقاط الحوار بينهما يرجح المذهب الثاني. وهو الذي رجحته وجريت عليه في الفقرات اللاحقة.