للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمه بوحي من الله تعالى، وكذلك قول الخضر في نهاية تأويل الأحداث {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فيدل على أنه أوحي إليه للقيام بهذه التصرفات.

وهذا أيضًا ليس نصًا قطعيًا في الدلالة على نبوته، فقد ثبت قوله عندما التقي بموسى عليه السلام: إني على علم لا ينبغي لك أن تعلمه.

فهو عبد من عباد الله الصالحين الذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى بهذا العلم اللدني الخاص، ولا مانع أن يتلقى ذلك عن طريق الإلهام والمكاشفة.

٣- في قول موسى عليه السلام له {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} قد جعل نفسه تابعًا للخضر والنبي لا يتبع غير النبي في التعليم، لأن في تبعيته لغيره من غير الأنبياء إنزالًا لمكانته، ولا يليق لكونه القدوة في قومه.

وهذا أيضًا غير مسلم به لأن تابعية النبي لغيره لا تصح فيما أصبح باعتبارها نبيًا، أما في غيرها من العلوم الكونية والتجريبية والغيبية فلا مانع من التبعية.

٤- واستدلوا بطريقة الخضر في مخاطبة موسى حيث أبدى له الترفع والتعزز بالعلم الذي عنده، بينما نجد تواضع موسى الشديد، فلو لم يكن نبيًا لما تواضع له موسى هذا التواضع الجم.

وهذا أيضًا مردود لأن موسى عليه السلام أفضل وأعلى مكانة من الخضر عليه السلام على كل الاحتمالات، فإنه نبي مرسل من أولي العزم من الرسل، والخضر مختلف في نبوته، ولم يقل أحد ممن يعتد برأيه إنه رسول.

أما تواضع موسى عليه السلام له فإنه من باب تقدير العلم، وخفض الجناح للعلماء، وهضم حظ النفس، وقد خوطب سيد ولد آدم وأفضل الأنبياء والمرسلين بقول الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥] فالتواضع وخفض الجناح لا يدل على أفضلية المتواضع له.

٥- واستدلوا بما ورد في الحديث، أن موسى عليه السلام عندما التقى به قال: السلام عليك، قال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال موسى عليه السلام: من عرفك هذا؟ قال: الذي بعثك إلي.

<<  <   >  >>