إننا وإن كنا لا نستطيع الجزم بما قاله أبو الكلام آزاد عن غورش، فإن الروايات التاريخية يدخلها التبديل والتحريف كثيرًا، إلا أننا نجد المنهج الذي سار عليه أبو الكلام آزاد أقرب إلى الموضوعية، ومع ذلك فإننا نستبعد ما ذهب إليه كثير من المفسرين في كون ذي القرنين أبا كرب شمر بن عمرو بن أفريقيش الحميري، لأنه لم يذكر في سيرته أنه بنى سدًا عسكريًا تنطبق عليه أوصاف سد ذي القرنين كما نستبعد الإسكندر المكدوني فقد كان وثنيًا سفاكًا للدماء متغطرسًا قتل أقرب المقربين إليه.
أما الأوصاف التي ذكرت في سيرة غورش "أو قورش الإخميني" كما وردت في كتب المؤرخين فتدل على حكمته وعدالته، كما أن فتوحاته التي ذكرت في المغرب والمشرق لحماية أطراف دولته من المغيرين الطامعين وبناء السد في شمال مملكته لحفظ سكان الشمال من هجمات القبائل المتوحشة. كل ذلك يرجح أن يكون ذا القرنين.
يقول الشيخ سعيد حوى في كتابه "الأساس في التفسير":
"لا نعرف أحدًا من علماء عصرنا كأبي الكلام آزاد رحمه الله أكثرنا تأهيلًا للتحقيق في المعضلات التاريخية بما اجتمع له من ثقافة موسوعية دينية وتاريخية، وقد أقدم على تحقيق المراد بذي القرنين وبسده وبيأجوج ومأجوج، فقدم دراسة تعتبر أعظم دراسة في بابها حول هذا الموضوع، إلى أن يقول ومع أننا لا نستطيع الجزم بما أوصل إليه هذا التحقيق لكنه يبقى التحقيق الأقوى في التاريخ الإسلامي حول ذي القرنين"١.