للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منوط بقيام هذه المملكة ذات القرنين، أي أن ملك مادا وفارس يغير على ملك بابل ويتغلب عليه ويحرر اليهود من أسرهم، وأن هذا الملك الذي اختاره الله لإعانة اليهود ورعايتهم يأمر بتعمير بيت المقدس من جديد ويجتمع الشعب الإسرائيلي الممزق مرة أخرى تحت رعايته.

وقد ظهر بعد هذه النبوءة بسنوات: الملك غورش الذي سماه اليونان سايرس، واليهود بـ"خورس" وحد مملكتي مادا وفارس فأنشأ منهما سلطنة عظيمة، ثم هاجم بابل واستولى عليها دون عناء.

رأى دانيال في رؤياه أن الكبش ذا القرنين ينطح بقرنيه في الغرب والشرق والجنوب، أي يجوز انتصارات باهرة في الجهات الثلاث، وهكذا كان أمر غورش، فقد كان انتصاره الأول في الغرب والثاني في الشرق والثالث في الجنوب، أي في بابل، وكذلك صدقت النبوءة بخلاص اليهود وازدهارهم، فقد أطلقهم غورش بعد فتحه بابل من الأسر وأذن لهم بالعودة إلى فلسطين وبناء الهيكل من جديد، وحذا حذو غورش خلفاؤه من ملوك مادا وفارس، فما زالوا يحمون اليهود ويرفقون بهم١.

ويقول أبو الكلام آزاد عن سبب رفق غورش باليهود:

"لقد كان غورش من متبعي مذهب مزديسنا أي الدين الزردشتي، وهذا أمر له أهمية خاصة في العلاقة التي كانت بين الفارسين والإسرائيليين، وفي المعلوم أن الوثنية كانت عامة شاملة العالم كله لم يشذ عنها إلا فئتان: اليهود، والزردشتيون.

وبطبيعة الحال أن يجد الملك غورش بعد فتحه بابل أن تصورات اليهود الدينية قريبة جدًا لتصوراته الدينية، فاندفع إلى احترامهم وتلقي نبوءاتهم برغبة خالصة"٢.


١ انظر كتاب "ويسألونك عن ذي القرنين" ٨٩.
٢ المرجع السابق ٩٨.

<<  <   >  >>