للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثالث:

- ويقول أمر آخر استقرأته وهو: أنه إذا وردت سورتان بينهما تلازم واتحاد فإن السورة الثانية تكون خاتمتها مناسبة لفاتحة الأولى للدلالة على الاتحاد.

وفي السورة المستقلة عما بعدها يكون آخر السورة نفسها مناسبًا لأولها.

وآخر آل عمران مناسب لأول البقرة، فإنها افتتحت -أي البقرة- بذكر المتقين وأنهم المفلحون، وختمت آل عمران بقوله {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [٢٠٠] .

- وقد ورد أنه لما نزلت {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] قال اليهود: يا محمد افتقر ربك. فسأل القرض عباده. فنزل قوله تعالى في آل عمران {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ١ [١٨١] .

فذاك أيضًا من تلازم السورتين.

- وفي البقرة ورد دعاء إبراهيم عليه السلام {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} [١٢٩] .

ووردت الإجابة في آل عمران {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤] ، وذاك أيضًا من تلازم السورتين٢.

هذه جملة مما ذكره السيوطي في المناسبات والتلازم بين سورتي البقرة وآل عمران.

وهذه الاستقراءات جاءت من غير نسق معين، ولم ترصد باستقراء من زاوية معينة فجاءت منثورة من غير أن ينتظمها منهج معين.


١ أخرجه ابن أبي حاتم. انظر: الدرر المنثور للسيوطي: ٢/ ٣٩٧.
٢ تناسق الدرر: ٨٣-٨٨ باختصار.

<<  <   >  >>