وقبل الكلام في الخواص اللفظية نلاحظ أن الانفعال الذي تبعثه هذه الأبيات يتوزع بين الحزن في القسم الأول والإعجاب في الثاني.
وذلك لأن القصيدة قيلت في الحفاوة بأديب سوريا الأستاذ أمين الريحاني أيام الاضطرابات التي شملت بلاد الشرق العربي عقب الحرب العظمى، وكانت "مصر" مسرحًا لكثير منها فشكا شاعرنا ذلك في مطلع قصديته.
ولعل الإعجاب أسبق انفعال إلى النفس حين ترى الأهرام؛ فبدا واضحا في الأبيات الأخيرة وهذا الاعجاب أحسسته من قبل عند المويلحي، وعند شوقي آخر كلمته المنثورة الواردة في الفصل السابق، ومع ذلك فإنك ترى في النثر المذكور ميلا إلى استخراج العظات والعبر وإلى إيراد الحقائق التاريخية، وبيان اختلاف الرأي فيما تدل عليه الأهرام من مجد ينسب إلى الفراعنة أو ظلم نال المصريين، على أن هذه النماذج النثرية من النوع الذي علا وأخذ يقرب من الشعر حتى كاد ينسى طبيعته الأولى ويعود شعرًا منثورًا.
وأول ما يلقانا بعد ذلك هذه العبارات الموسيقية التي تمتاز بالوزن والقافية، ورقة الكلمات أو جزالتها، وتخير التراكيب وتجنب الفضول والابتذال، حتى عادت العبارات أصلح للأسلوب الشعري الجامع بين التهذيب وقوة التأثير.
وهذا القدر الذي ذكرناه يسمح لنا أن نتقدم قليلا، فنذكر الخواص الآتية على أنها أشد ظهورًا في الشعر وأقوى به اتصالا: