(٢) أي: وقد أتى في الأحاديث النبوية، وفي الآثار السلفية، وفي كلام الأئمة، من المحدثين والفقهاء، وسائر أهل العلوم الشرعية، وفي الأشعار المرضية، من العرب والمولدين، من مدحهم، والثناء عليهم، ما قد زاد أن يحيط نظمه، في هذه الأرجوزة الوجيزة عن بعضه، فضلًا عن غالبه وكله، فاقنع بما أشير إليه، وما أوردناه من الأدلة، وخذ ذلك واعتمد عليه، من علم ويقين؛ والقنوع: الرضا باليسير. (٣) أي: واحذر، أمر من الحذر، الذي هو التحرز من الخوض، المفضي إلى التأبين، الذي قد يزري، ويحط من فضلهم المعلوم، بالكتاب والسنة، من الاختلاف الذي جرى بينهم، لو كنت تدري غب ذلك الخوض، المفضي إلى الحقد، على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس في ذلك ما ينتفع به في الدين، وإنما لك من أعظم الذنوب، فإنهم خير القرون، وهم السابقون الأولون؛ وذلك فيما جرى بين علي ومعاوية وقبلهما وبعدهما، فإن النزاع والقتال الذي جرى بينهم، كان عن اجتهاد قد صار من كل من الفريقين، كما تقدم. وعقيدة أهل السنة والجماعة: الإمساك عما شجر بينهم؛ ويقولون: إن الآثار المروية، في مساوي بعضهم، منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص؛ والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، والخطأ مغفور لهم، ولهم من السوابق والفضائل، ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات، ما لا يغفر لمن بعدهم. وإذا كان قد صدر من أحد منهم ذنب، فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء كفر به عنه، والذي ينكر من فعل بعضهم، قليل نزر، مغمور في جنب فضائل القوم، ومحاسنهم، فإنهم صفوة هذه الأمة، وأكرمها على الله.