والسلف رضى الله عنهم: تبرءوا من طريقة الروافض، الذين يبغضونهم، ويسبونهم؛ ومن طريقة النواصب: الذين يؤذون أهل البيت، بقول أو عمل؛ ومن أصول سلامة قلوبهم، وألسنتهم لهم، عملاً بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: ١٠] . وطاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا تسبوا أصحابي» . وأجمعوا على أنه يجب على كل أحد، تزكية جميع الصحابة، والكف عن الطعن فيهم، والثناء عليهم، ولا يعاديهم إلا عدو لله ورسوله؛ وروى الترمذي وغيره: أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: «الله، الله في أصحابي، لا تتخذوهم بعدي غرضًا؛ من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، يوشك أن يأخذه» . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتفصيل القول في سبهم، أن من اقترن بسبه دعوى: أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي، وإنما غلط جبرائيل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره؛ وأما من سبهم سبًا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره. أما من لعن وقبح مطلقًا، فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمرين: لعن الغيظ، ولعن الاعتقاد؛ وأما من جاوز ذلك، إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفرًا قليلاً، لا يبلغون بضعة عشر، أو أن عامتهم فسقوا، فهذا لا ريب في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن؛ من الرضا عنهم، والثناء عليهم.