وأزل المنكر باليد، وهو أعلى درجات الإنكار؛ وغيره باللسان حيث لم تستطع تغييره باليد، بأن تعظه باليد وتذكره بالله وأليم عقابه، وتوبخه وتعنفه، مع لين وإغلاظ بحسب ما يقتضيه الحال؛ لمنكر: متعلق بـ "زال". واحذر من النزول عن أعلى المراتب، حيث قدرت على أن تغير المنكر بيدك إلى الإنكار باللسان، إلا مع العجز عن ذلك؛ ثم إنه لا يسوغ لك العدول، عن التغيير باللسان إلى الإنكار بالقلب، إلا مع عدم القدرة على الإنكار باللسان، إلى الإنكار بالقلب، وهو أضعف الإيمان. فاحذر من النقصان: أشار بذلك إلى حديث أبي سعيد: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» . رواه مسلم وغيره، وفيه أيضًا: «من جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» . وفي الباب أحاديث كثيرة، وذكر بعض السلف: أنه لا بد في الآمر، أن يكون عليمًا فيما يأمر به، عليمًا فيما ينهى عنه، حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه، صابرًا على ما ناله من الأذى، أي: وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.