للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن نهى عما له قد ارتكب ... فقد أتى بما به يقضى العجب (١)


(١) أي: وأي إنسان نهى الخلق عن الشيء الذي قد ارتكب، وخالف عمله قوله، من فعل المحظور، وترك المأمور، فقد أتى من قاله وحاله من العمل، الذي منه يقضي العقلاء وأهل العلم العجب؛ أي: يحكمون بالعجب، لإتيانه القبيح الذي ينهى عنه، وتركه الحسن الذي يأمر به.
وقال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٤٤] . وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢-٣] .
وفي الصحيحين: «يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في
النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان، مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه» .
وفي صحيح مسلم قال: «مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ قال: خطباء أمتك، الذين يقولون ما لا يفعلون» .
وقال الله عن شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: ٨٨] .
وقال بعض السلف: إذا أردت أن يقبل منك، فإذا أمرت بشيء فكن أول الفاعلين له، المؤتمرين به؛ وإذا نهيت عن شيء فكن أول المنتهين عنه.

<<  <   >  >>