للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نمرها كما أتت في الذكر ... من غير تأويل وغير فكر (١)


(١) أي: نمر آيات الصفات وأخبارها ونجريها على ظاهرها ونقرها على ما دلت عليه من صفات الكمال ونعوت الجلال، ونفهم منها ما دلت عليه، ونعتقده حقيقة لا مجازا، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.
وقوله: من غير تأويل، تقدم أنه لو عدل عنه إلى تحريف لكان أولى، لأن من المعاني التي تسمى تأويلًا ما هو صحيح منقول عن بعض السلف، ومراد بعض المتأخرين بنفي التأويل: أن آيات الصفات وأحاديثها لا يعلمها إلا الله وأن الأنبياء والصحابة والعلماء لا يعرفون ما أراد الله بما وصف به نفسه، ولازم قولهم: أنا أمرنا بتلاوتها من غير تدبر ولا فهم لمعانيها.
وقوله: من غير فكر، كما جاء في الأثر: تفكروا في
المخلوق، ولا تفكروا في الخالق، فإن الخالق سبحانه لا شبيه له،
ولا نظير له، فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه
تعالى، وإنما هو معلوم بالفطرة، فيذكره العبد، وبالذكر وبما أخبر به عن نفسه يحصل للعبد من العلم به أمور عظيمة، لا تنال بمجرد
التفكير والتقدير، وإنما تعلم الذات المقدسة والصفات المعظمة
من حيث الجملة، على الوجه الذي يليق بجلال الله وعظمته، ومن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس كمثله شيء إلا ما يناسب المخلوق فقد ضل في عقله ودينه.

<<  <   >  >>