للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن يثب فإنه من فضله ... وإن يعذب فبمحض عدله (١)


(١) أي: فإن يثب عباده المطيعين - والثواب: الجزاء - فإن إثابته من فضله وكرمه، وإن كان واجبا بحكم وعده، باتفاق المسلمين، وبما كتبه على نفسه من الرحمة وإن يعذب عباده لعتوهم وعصيانهم فبمحض عدله الخالص من شائبة الظلم باتفاق المسلمين، وهو أرحم الرحمين، فلا يلوم العبد إلا نفسه، ولولا فرط عتوهم وإبائهم عن طاعته، واستحقاقهم للعذاب لما عذبهم، وهو الحكم العدل، وكما أنه منزه عن صفات النقص والعيب فهو منزه عن أفعال النقص والعيب، وأي نقص أفظع من الظلم.
وليس في مخلوقه ما هو ظلم منه، وإن كان بالنسبة إلى الإنسان هو ظلم، فهو ظلم من الفاعل، الذي قام به الفعل، لا من الخالق - جل وعلا - فإن أفعال عباده نوع آخر، والله تعالى لا تقوم به أفعال
العباد، ولا يتصف بها، ولا تعود إليه أحكامها، التي تعود إلى موصوفاتها، وقد فرق السلف بين فعله سبحانه وبين ما هو
مفعول مخلوق له، فحركات المخلوقات ليست حركات له، ولا
أفعالا له بهذا الاعتبار، لكونها مفعولات هو خلقها، وإنما الظالم من فعل الظلم.
وأجمع السلف: أن العبد مأمور بطاعة الله، منهي عن معصيته، فإن أطاع كان ذلك نعمة من الله أنعم بها عليه، وكان له الأجر والثواب بفضل الله ورحمته، وإن عصى كان ظالما لنفسه، مستحقا للذم والعقاب، وكان لله عليه الحجة البالغة، ولا حجة لأحد على الله، وكل ذلك كائن بقضاء الله وقدره ومشيئته، لكنه تعالى يحب الطاعة، ويأمر بها، ويثيب عليها، ويبغض المعصية، وينهى عنها، ويعاقب عليها، وإن شاء عفا عن المذنب من المؤمنين.

<<  <   >  >>