للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن أرواح الورى لم تعدم ... مع كونها مخلوقة فاستفهم (١)


(١) أي: ومما ينبغي أن يعلم أن أرواح بني آدم لم تعدم بموت الأبدان التي كانت فيها، ولا تموت، ولا تفنى، لأنها خلقت للبقاء، مع كون الأرواح مخلوقة لله، مبتدعة محدثة، مربوبة بالاضطرار من دين الرسل، وباتفاق الأئمة، فاستفهم، أي: اطلب علم ذلك من مظانه.
والروح: قد اختلف في حقيقتها.
قال ابن القيم: والصحيح أنها جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف، حي متحرك، وينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي هذا الجسم اللطيف متشابكا بهذه الأعضاء وأفادها هذه الآثار، ومن الحس، والحركة والإرادة، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار، فارق الروح البدن، قال: وهذا القول هو الصواب، وعليه دل الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة، وأدلة العقل والفطرة. اهـ.
والأرواح في البرزخ متفاوتة أعظم تفاوت، فمنها: أرواح في عليين. ومنها: أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة.
ومنهم: من يكون مقره باب الجنة. ومنهم: من يكون محبوسا على باب الجنة. ومنهم: من يكون محبوسا في قبره، ومنهم: من يكون محبوسا في الأرض.
ومنهم: من يكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه، وتلقم الحجارة.
ومنهم: من يعرض على جهنم غدوة وعشية، كما جاءت بذلك الآثار، والروح أسرع شيء حركة وانتقالا، وصعودا وهبوطا، ولها لذة ونعيم وعذاب عظيم.

<<  <   >  >>