والله سبحانه وتعالى، أعلم حيث يجعل رسالته أصلًا وميراثًا، فليس كل أحد أهلًا ولا صالحًا لتحمل رسالته، بل لها محال مخصوصة لا تليق إلا بها، ولا تصلح إلا لها، والله أعلم بهذه المحال منكم، ولكن جرت عادة الله في إرسال الرسل: أنه لم يبعث نبيًّا ولا رسولًا، إلا رجلًا حرا قويا، في أشرف منسب أمته، حسن الخلق والخلق، ليسهل عليه تحمل الخلق من أشرف أفراد النوع الإنساني، من كمال العقل، والذكاء، والفطنة وقوة الرأي، قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥] . (٢) أي: ولم تعط منزلة النبوة بالكسب والاجتهاد، وتكلف أنواع العبادة، ولا بالتهذيب: تنقية البدن، وتصفية الأخلاق، والاتصاف بالفضائل؛ ولا بالفتوة وكرم النفس، وتخليصها من الأوصاف المذمومة، إلى الأوصاف الممدوحة.