بْنِ كَامِلٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَرِيسِيِّ فَهَذِهِ أَقْوَالُ أَهْلِ الْحَيْرَةِ وَالضَّلَالِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَذْهَبَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَعْيَانِ الْأَئِمَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ)
تَقَدَّمَ أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ هُوَ عَذَابُ الْبَرْزَخِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ نَالَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ قُبِرَ أَوْ لَمْ يُقْبَرْ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذِكْرِ مَنَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوِيلِ وَرُؤْيَتِهِ لِلْمُعَذَّبِينَ كَيْفَ يُعَذَّبُونَ فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي عَذَابِ الْبَرْزَخِ، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ مُطَابِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(الرَّابِعُ)
زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ لَهُ أَنَّ مَنْ ظَنَّ الْمَيِّتَ يَحْيَا فِي قَبْرِهِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ قَالَ لِأَنَّ الْآيَاتِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١] وَقَوْلَهُ تَعَالَى {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: ٢٨] قَالَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ يَحْيَا فِي قَبْرِهِ لَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَاتَنَا ثَلَاثًا وَأَحْيَانَا ثَلَاثًا، قَالَ وَهَذَا بَاطِلٌ وَخِلَافُ الْقُرْآنِ إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى آيَةً لِنَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ، وَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، مَنْ خَصَّهُ نَصٌّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢] قَالَ فَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ أَرْوَاحَ سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا لَا تَرْجِعُ إِلَى أَجْسَادِهِمْ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ تَخَيُّلَاتٍ وَهِيَ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ حَمَلَهَا عَلَى غَيْرِ مَحَامِلِهَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَنَّ أَرْوَاحَ الْمَوْتَى تُرَدُّ إِلَى أَجْسَادِهِمْ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَقُلْنَا بِهِ. قَالَ وَإِنَّمَا تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ رَدِّ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ فِي الْقُبُورِ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ تَرَكَهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِيهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ - وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute