للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لا عن اجتهاد ونظر, وإن لم يكن صحيحًا إذ المجتهد معذور ولو أخطأ ولذلك كان له أجر, والله أعلم.

وهذا التأويل مما يجب اعتقاده, ويتعين المصير إليه لأنه -رضي الله عنه- إما أن يعتقد صحة خلافة أبي بكر مع أحقيته, فيكون تخلفه عن البيعة ومفارقة الجماعة ونزع ربقة الطاعة عدولًا عن الحق, وماذا بعد الحق إلا الضلال وهو مبرأ عن ذلك ومنزه عنه -رضي الله عنه- أو لا يعتقد صحتها فيكون قد أقر على الباطل؛ لأنه -رضي الله عنه- أقر الطير على وكناتها ولم يظهر منه نكير على فعلهم لا بقول ولا بفعل مع قوة إيمانه وشدة بأسه وكثرة ناصره, وكفى بفاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعباس عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبني هاشم بأجمعهم ظهيرًا ونصيرًا, مع ما أسس له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القواعد في العقائد, وأن موالاته مع موالاته ومحبته مع محبته والدعاء لمن والاه وعلى من عاداه, ومع ذلك كله لم يظهر عنه ما يقتضيه حال مثله من إنكار الباطل بحسب طاقته, فلو كان باطلًا للزم تقريره الباطل واللازم باطل إجماعًا فالملزوم كذلك, والقول بأن سكوته كان تقية كما يزعم الروافض باطل عريق في البطلان؛ فإن مقتضى ذلك ضعف إما في الدين أو في الحال, والأول باطل إجماعًا والثاني أيضًا باطل لما قررناه آنفًا.

ويتأيد ذلك بما تضمنه حديث الحسن البصري عنه المتضمن نفي العهد إليه بالخلافة, وتقدم في الذكر الأول من هذا الفصل وفيه: لو كان عندي عهد من النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره ولقاتلتهما بيدي, ولو لم أجد إلا بردتي هذه ... الحديث, وهذا أدل دليل على أنه لم يسكت تقية إذ لو علم بطلان ذلك وأنه المستحق لها دونه, لتعين عليه القيام وكان كالعهد إليه وقد أخبر -رضي الله عنه- أنه لو تعين عليه بالعهد إليه لقاتل.

فكذلك إذا تعين عليه بغير العهد إلحاقًا به, والجامع اشتراكهما في

<<  <  ج: ص:  >  >>