للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعين عليه, ولقد أحسن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب حيث قال لبعض الرافضة: لو كان الأمر كما تقولون: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختار عليا لهذا الأمر والقيام على الناس بعده, فإن عليا أعظم الناس خطية وجرمًا إذا ترك أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقوم به, ويعذر إلى الناس.

فقال له الرافضي: ألم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه"؟ فقال: أما والله لو يعني بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمر والسلطان لأفصح به كما أفصح بالصلاة والزكاة والحج والصيام وقال: أيها الناس إنه الولي بعدي, فاسمعوا له وأطيعوا. خرجه ابن السمان في الموافقة.

فإن قيل: قوله فاستبددتم به علينا, يشعر بأن المراد بالحق المشاورة والمراجعة والاشتراك في الرأي, وأنه إنما نقم انفرادهم دونهم, وأنهم لو أشركوه معهم في الرأي لتابعهم عليه, هذا هو المتبادر إلى الفهم عند سماع هذا السياق وما ذكرتموه فيه صرف للفظ عن ظاهره, ولا يبقى لذكر الاستبداد معنى قلنا: هذا الصرف واجب متعين؛ لأنا لو حملنا الحق على الاشتراك في الرأي للزم في حقه ما ذكرناه من المحذور؛ لأنه إما أن يعتقد صحة الخلافة مع عدم مشاورته فيلزم التخلف عن الحق, وإما أن لا يعتقد ذلك فيلزم التقرير على الباطل على ما تقدم تقريره, ثم إن نفس المتخلف عن البيعة بعد إجماع الجم الغفير لا يجوز إلا لمقتضى, وما ذاك إلا رؤية أحقية غيره عند من لا يرى صحتها للمفضول, أو أن المتولي لم يستكمل شروط الإمامة وكلاهما باطلان.

أما الأول فلما تقدم, وأما الثاني فلأن المبطل إما فوات شرط إجماعًا وهو منتف هنا إجماعًا, وإما وجود الأفضل على رأي وهو المطلوب وقد تكلمنا عليه, وليس لقائل أن يقول: إن سكوت علي لا يعد به مخالفًا, إذ لم يشق عصا فيعد بذلك ممن أجمع.

ويصح حمل الحق على المشاورة, ويستأنس بما صرح به موسى بن

<<  <  ج: ص:  >  >>