للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما رأى ما وقر عندهم منه استصوب عزله عنهم؛ ولو كانوا مفترين عليه. والعجب من هؤلاء الرافضة كيف ينقمون على عثمان عزل المغيرة وهم يكفرون المغيرة? على أنا نقول: ما زال ولاة الأمر قبله وبعده يعزلون من عمالهم من رأوا عزله ويولون من رأوا توليته بحسب ما تقتضيه أنظارهم. عزل عمر خالد بن الوليد عن الشام وولى أبا عبيدة، وعزل عمارًا عن الكوفة وولاها المغيرة بن شعبة، وعزل قيس بن سعد عن مصر وولاها الأشتر النخعي. ألا ترى إلى معاوية -وكان ممن ولاه عمر- لما ضبط الجزيرة وفتح البلاد إلى حدود الروم وفتح جزيرة قبرص وغنم منها مائة ألف رأس سوى ما غنم من البياض وأصناف المال وحمدت سيرته وسراياه, أقره على ولايته? وأما ابن مسعود فسيأتي الاعتذار عنه فيما بعد. وأما القصة الثانية وهو ما ادعوه من إسرافه في بيت المال فأكثر ما نقلوه عنه مفترًى عليه ومختلق؛ وما صح منه فعذره فيه واضح، وأما رده الحكم إلى المدينة فقد ذكر رضي الله عنه أنه كان استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في رده إلى المدينة فوعده بذلك، فلما ولي أبو بكر سأله عثمان ذلك فقال: كيف أرده إليها وقد نفاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ فقال له عثمان ذلك فقال له: إني لم أسمعه يقول له ذلك؛ ولم تكن مع عثمان بينة على ذلك، فلما ولي عمر سأله ذلك فأبى ولم يريا١ الحكم بقول الواحد، فلما ولي قضي بعلمه وهو قول أكثر الفقهاء، وهو مذهب عثمان، وهذا بعد أن تاب وأصلح عما كان طرد لأجله، وإعادة التائب مما تحمد.

وأما صلته من بيت المال بمائة ألف فلم تصح، وإنما الذي صح أنه زوج ابنه من ابنة الحارث بن الحكم وبذل لها من مال نفسه مائة ألف درهم، وكان رضي الله عنه ذا ثروة في الجاهلية والإسلام, وكذلك زوج ابنته أم أبان من ابن مروان بن الحكم وجهزها من خاصّ ماله بمائة ألف لا


١ يعني أبا بكر وعمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>