وأما القضية التاسعة وهي قضية عبادة بن الصامت فهي دعوى باطلة وكذب مختلق؛ وما شكا معاوية عبادة ولا أشخصه عثمان، والأمر على خلاف ذلك فيما رواه الثقات الأثبات من اتفاقهم ورجوع بعضهم إلى بعض في الحق. ويشهد لذلك ما روي: أن معاوية لما غزا جزيرة قبرص كان معه عبادة بن الصامت، فلما فتحوا الجزيرة وأخذوا غنائمها أخرج معاوية خمسها وبعثه إلى عثمان وجلس يقسم الباقي بين جنده، وجلس جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ناحية، منهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء وشداد بن أوس وواثلة بن الأسقع وأبو أمامة الباهلي وعبد الله بن بشر المازني, فمر بهم رجلان يسوقان حمارين فقال لهما عبادة بن الصامت: ما هذان الحماران? فقالا: إن معاوية أعطاناهما من المغنم، وإنا نرجو أن نحج عليهما، فقال لهما عبادة: لا يحل لكما ذلك ولا لمعاوية أن يعطيكما, فرد الرجلان الحمارين على معاوية, وسأل معاوية عبادة بن الصامت عن ذلك فقال عبادة: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة حنين والناس يكلمونه في الغنائم فأخذ وبرة من بعير وقال:"ما لي مما أفاء الله عليكم من هذه الغنائم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم" فاتق الله يا معاوية واقسم الغنائم على وجهها ولا تعط منها أحدًا أكثر من حقه، فقال له معاوية: قد وليتك قسمة الغنائم ليس أحد بالشام أفضل منك ولا أعلم، فاقسمها بين أهلها واتق الله فيها, فقسمها عبادة بين أهلها وأعانه أبو الدرداء وأبو أمامة، وما زالوا على ذلك إلى آخر زمن عثمان. فهذه قصة عبادة في التزامه طاعة عثمان وطاعة عامله بالشام، بضد ما رووه، قاتلهم الله.
وأما القضية العاشر: ما رووه مما جرى على عبد الله بن مسعود من عثمان وأمره غلامه بضربه إلى آخر ما قرروه, فكله بهتان واختلاق لا يصح منه شيء، وهؤلاء الجهلة لا يتحامون الكذب فيما يرونه موافقًا لأغراضهم، إذ لا ديانة تردهم عن ذلك. ثم نقول: على تقدير صحة