المدينة ومالك والشافعي وغيرهما، وإنما أوجبه فقهاء الكوفة، ثم إنها مسألة اجتهادية؛ ولذلك اختلف فيها العلماء فقوله فيها لا يوجب تكفيرًا ولا تفسيقًا.
وأما الثامنة عشرة وهي انفراده بالأقوال الشاذة, فلم يزل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نحو من ذلك, ينفرد الواحد منهم بالقول ويخالفه فيه الباقون؛ وهذا علي بن أبي طالب في مسألة بيع أم الولد على مثل ذلك.
وفي الفرائض عدة مسائل على هذا النحو لكثير من الصحابة.
وأما التاسعة عشرة وهي قولهم: إنه كان غادرًا إلى آخر ما قرروه, فنقول: أما الكتاب الذي كان إلى عامله بمصر فلم يكن من عنده وقد حلف على ذلك لهم، وقد تقدم ذكر ذلك في فصل مقتله مستوفيًا؛ وذكرنا من المتهم بالتزوير عليه؛ وقد تحققوا ذلك، وإنما غلب الهوى -أعاذنا الله منه- على العقول حتى ضلت في قتله -رضي الله عنه. فهذا تمام القول في الاعتذار عن تلك القضايا التي نقموها على عثمان وأحسن ما يقال في الجواب عن جميع ما ذكر دعاة أهل البدع: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عن وقوع فتنة عثمان، وأخبر أنه على الحق على ما تضمنه حديث كعب بن عجرة في فصل فضائله في ذكر شهادة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه على الحق.
وفي رواية: أنه على الهدى, خرجه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح، وأخبر أنه يقتل ظلمًا على ما تضمنه حديث ابن عمر في فصل مقتله من حديث الترمذي, وللبغوي وأمر -صلى الله عليه وسلم- باتباعه عند ثوران الفتنة على ما تضمنه حديث مرة بن كعب من حديث أبي حاتم وأحمد؛ وتقدم في ذكره في فصل فضائله, ومن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه على الحق وأنه يقتل ظلمًا وأمر باتباعه كيف يتطرق إلى الوهم أنه على باطل?! ثم ورد في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبره أن الله يقمصه بقميص وأن المنافقين