للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدق الرسلا

ويروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: "هل قلت في أبي بكر شيئًا؟ " قال: نعم, فأنشده هذه الأبيات وفيها بيت رابع:

وثاني اثنين في الغار المنيف١ وقد ... طاف العدو بهم إذ صعدا الجبلا

فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك وقال: "أحسنت يا حسان" خرجه أبو عمر, وروي أنه ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: "صدقت يا حسان, هو كما قلت" خرجه صاحب الصفوة في فضائله, قال أبو عمر: وروي فيها بيت خامس:

وكان حب رسول الله قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا

"شرح" الشجو: الهمّ والحزن هذا أصله, ولا أرى له وجهًا هنا إلا أن يريد به ما كابده أبو بكر, فأطلق عليه شجوًا لاقتضائه ذلك, أو أراد حزن أبي بكر بما جرى على النبي -صلى الله عليه وسلم- النواجذ: جمع ناجذ وهو آخر الأضراس, وللإنسان أربعة نواجذ في أقصى الفم بعد الإرحاء ويسمى ضرس الحلم؛ لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل, قاله الجوهري. أصعد قال الجوهري: يقال: صعد في السلم وصعد في الجبل وعلى الجبل, وأصعد في الأرض أي: مضى وسار, فاستعاره للجبل وصعد وأصعد في الوادي: انحدر.

وعن فرات بن السائب قال: قلت لميمون بن مهران: أبو بكر الصديق أول إيمانًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أم علي بن أبي طالب؟ قال: والله لقد آمن أبو بكر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- زمن بحيرا الراهب, واختلف فيما بينه٢ وبين خديجة حتى


١ غار ثور: في الطريق بين مكة وبين المدينة، الذي أوى وقت الهجرة إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه.
٢ بين النبي -صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>