للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصنع? ما تريد إلا أن تعصر عينيك علي? قال: فدخل منزله فلم ير شيئًا، قال: أين متاعك? ما أرى إلا لبدًا وصحفة وشنا، وأنت أمير عندك طعام، فقام أبو عبيدة إلى جونة فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال أبو عبيدة: قد قلت لك: ستعصر عينيك علي يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقيل، فقال عمر: غرتنا الدنيا، كلنا غيرك يا أبا عبيدة. وأخرج جميع ذلك بتغيير بعض ألفاظه صاحب "فتوح الشام" وأخرج أيضًا أبو حذيفة في فتوح الشام أن أبا بكر لما توفي وخالد على الشام واليًا واستخلف عمر, كتب إلى أبي عبيدة بالولاية على الجماعة وعزل خالدًا، فكتم أبو عبيدة الكتاب من خالد وغيره حتى انقضت الحرب وكتب خالد الأمان لأهل دمشق وأبو عبيدة الأمير وهم لا يدرون, ثم لما علم خالد بذلك بعدما مضى نحو من عشرين ليلة دخل على أبي عبيدة فقال: يغفر الله لك، جاءك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلم تعلمني وأنت تصلي خلفي والسلطان سلطانك? فقال له أبو عبيدة: ويغفر الله لك، ما كنت لأعلمك حتى تعلمه من غيري, وما كنت لأكسر عليك حربك حتى ينقضي ذلك كله وقد كنت أعلمك إن شاء الله تعالى، وما سلطان الدنيا أريد، وما للدنيا أعمل، وإن ما نرى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن إخوان وقوام بأمر الله -عز وجل- وما يضر الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه بل يعلم الوالي أنه يكاد أن يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعهما في الخطيئة لما يعرض من الهلكة إلا من عصم الله -عز وجل- وقليل ما هم, فدفع أبو عبيدة عند ذلك الكتاب إلى خالد.

ذكر خوفه من الله -عز وجل:

روى أحمد في مسنده أن أبا عبيدة دخل عليه إنسان وهو يبكي فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة? فقال: يبكيني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يومًا ما يفتح الله على المسلمين، حتى ذكر الشام فقال: "إن ينسأ من أجلك يا أبا عبيدة فحسبك من الخدم ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم

<<  <  ج: ص:  >  >>