للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولائثٌ. فلمَّا وَجدنا العرب كلَّها تقول: جاءٍ، ولا تَحذف١، علمنا أنه في لغة الحاذفين على أصله. إذ ليس من لغتهم القلب، ومن لغتهم البقاء على الأصل. وأمَّا في لغة القالِبينَ في: شاكٍ ولاثٍ فيحتمل أن يكون مقلوبًا، ويحتمل [٤٨ب] أن يكون باقيًا على أصله. فقد حصل إِذًا ما ذهب إليه سيبويه سماعًا. وما ذهب إليه الخليل ليس له من السماع ما يقطع به، فهو محتمل.

ومن ذلك الجمعُ، فإنه يوافق جمع ما لامه غير همزة، في جميع ما ذُكر. فتقول في جمع جاءٍ: "جَواءٍ"، كما تقول في جمع قائم:"قَوائم". والأصل "جَوائِئٌ"٢، فقُلبت الهمزة الثانية ياءً لاجتماع الهمزتين. وعلى مذهب الخليل: "جَوايِئُ" فقُلبت الهمزة٣. وتقول في جمع مَجِيء: "مَجايِئُ"٤ كما تقول في جمع مَبِيع: "مَبايِع".

إلا٥ أن يؤدِّي الجمع إلى وقوع همزة عارضة بعد ألف الجمع -أعني لم تكن٦ في حال الإفراد- فإنك إذا قلبتَ الهمزة الثانية ياء فإنك تُحوِّل كسرة الهمزة التي هي عين٧ فتحةً، فتجيء٨ الياء متحرِّكة وما قبلها مفتوح فتُقلب٩ ألفًا، فتجيء الهمزة متوسِّطة بين ألفين، والهمزة قريبة الشَّبَه من الألف، فتجيء الكلمة كأنها اجتمع فيها ثلاثةُ أمثال، فتقلب الهمزة ياءً فرارًا من اجتماع الأمثال. وذلك نحو١٠ "فُعَّل"١١ من المجيء نحو: جُيَّأ١٢. فإنك تقول في جمعه: جَيايا.

والأصلُ "جَيايِئُ"، فاكتنف ألفَ الجمع ياءان، فقلبت الثانية همزة فقالوا "جَيائِئُ"، فقلبت١٣ [الهمزة] الثانية ياء لاجتماع الهمزتين وانكسار ما قبل الثانية فقالوا "جَيائِيُ"، ثمَّ حوَّلوه إلى "جَياءَيُ"، فتحرَّكت الياء وما قبلها مفتوح فقلبت ألفًا، فصار "جَياءَى" -وكان هذا التحويل لازمًا إذ كانوا قد يحوِّلون في مثل "صحارَى" مع أنه أخفُّ من "جياءَى"؛ لأنه لم تَعرِض فيه همزة كما عرضت في "جياءَى". وإنَّما لَزمَ تحويله، لمَّا عرضت فيه الهمزة؛ لأنَّ


١ يريد: ولا تقول "جاءُ" فتحذف عين فاعل. وفي حاشية ف بيان لما كان للفظ في الحذف.
٢ م: جوئيٌ.
٣ أي: قدمت الهمزة على الياء.
٤ م: مجائئ.
٥ م: إلى.
٦ م: لم يكن.
٧ م: غير.
٨ م: فجاءت.
٩ م: فقلبت.
١٠ المنصف ٢: ٦٠-٦٢.
١١ في النسختين: "فَعّل" وفي حاشية المبدع: فَعال.
١٢ م: جياء.
١٣ سقط "الثانية ... فقلبت" من م.

<<  <   >  >>