للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - آداب العرب المنقولة اي الشعر في أتخر الجاهلية]

لا علم لنا إنه كان عند العرب آداب حقيقية مسطرة فبل اوائل القرن السابع بعد الميلاد أي قبل ظهور الدعوة الإسلامية. نعم كان الشعر عندهم مرتقيا غاية الارتقاء منذ قديم الزمان وذلك لاسباب وبواعث طبيعية يسوغ لنا ذكرها هنا بالاختصار فنقول إن ديار العرب وموطنهم الاصلي هي ارض في جزيرة العرب المتسعة اكثرها بواد وقفار قلية الخيرات فتعود اهلها أي العرب لذلك منذ القديم على التفرق والارتحال في طلب المرعى لمواشيهم. ولما كان الجوع كافرا صاروا يغزون الغزوات على جيرانهم اذا اشتد عليهم ضيق العيش. ولذا لا يوجد قوم على وجه الكرة الارضية اشد من العرب على تحمل الجوع والعطش والعري ومكابدة الاخطار نهارا وليلا. ولما تخشنوا في ابدانهم وطباعهم تربوا ايضاً بالسباب نفسها على الشهامة والشجاعة والبسالة وعزة النفس فصاروا ابطالا اشداء شرفاء ورجالا غلاظا في آن واحد. لكن خشونة الابدان وفظاظة الطباع عندهم تهذبت تهذيبا طبيعيا بتأثير المناظر الطبيعية التي احاطت بهم في كل اوان ومكان. لان البوادي الواسعة والجبال الشامخة والسماء المرتدية تارة بالرداء الازرق اللطيف والمتسربة تارة بجلباب الغيوم والبرق والرعد ايقظت في ابدانهم واهانهم الحمية ونيرة التصور وهيجت في فؤاد هم الاحساسات البشرية التي تتدفق من الصدر الى الفم بالكلام البليغ فكانوا يهتفون وينشدون ويتفاخرون بافعالهم الرفيعة ويتباهون بحريتهم ويمدحون حفظ العهود والصداقة وقهر العدو وصيانة العرض كما هو شأن الامم المنزهة عن الترف. وشاركتهم نساؤهم في ذلك لأنهن ايضاً تعودن معيشة البراري والبوادي فكن مع رجالهن في كل ما اصابهم من عز وذل ورغد وضيق. هذه هي الاحوال التي حملت العرب إلى النطق بالشعر سجية. فلنذكر الان ما طبع منه.

[٣ - المعلقات]

اشهر القصائد المنقولة عن افواه الرواة الباقية أي المحفوظة من أتخر الجاهلية

<<  <   >  >>