للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«جـ» أو: بأن تكون الجملة الثانية مؤكدة للجملة الأولى (بما يشبه أن يكون توكيدا لفظياً أو معنوياً) كقوله تعالى (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) وكقوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا) فالمانع من العطف في هذا الموضع اتحادالجملتين اتحاداً تاماً يمنع عطف الشيء على نفسه «ويوجب الفصل» .

الموضع الثاني - «كمال الانقطاع» وهو اختلاف الجملتيت اختلافاً تاماً.

«أ» بأن يختلفا خبراً وإنشاء: لفظاً ومعناً، أو معنى فقط، نحو: حضر الأمير حفظه الله، ونحو: تكلم إني مصغ اليك - وكقول الشاعر:

وقال رائدهم أرسوا نزاولها فحتفُ كل امرىء يجري بمقدار (١)

«ب» أو: بألا تكون بين الجملتين مناسبة في المعنى ولا ارتباط، بل كل منهما مستقل بنفسه - كقولك: عليّ كاتب - الحمام طائر، فاُنه لا مناسبة بين كتابة عليّ وطيران الحمام.

وكقوله: إنّما المرء بأصغريهِ كل امرىء رهنٌ بما لديه

فالمانع من العطف في هذا الموضع «أمر ذاتي» لا يمكن دفعه أصلا وهو التباين بين الجملتين، ولهذا وجب الفصل، وترك العطف.

لأنَّ العطف يكون للربط، ولا ربط بين جملتين في شدَّة التباعد وكمال الانقطاع.

الموضع الثالث - «شبه كمال الاتصال» وهو كون الجملة الثانية قوية الارتباط

بالأولى، لوقوعها جواباً عن سؤال يفهم من الجملة الأولى فتُفصلُ عنها، كما يفصل الجواب عن السؤال - كقوله تعالى:

(وما أبرىءُ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) (٢) - ونحو: قول الشاعر

زعم العوازل أنني في غمرة صدقوا، ولكن غمرتي لا تنجلي


(١) أي أوقفوا السفينة كي نباشر الحرب، ولا تخاافوا من الموت، فان لكل أجل كتابا - أي فالمانع من العطف في هذا الموضع أمر ذاتي لا يمكن دفعه أصلا، وهو كون إحداهما جملة خيرية، والأخرى إنشائية، ولا جامع بينهما.
(٢) الجملة الثانية شديدة الارتباط بالجملة الأولى لأنها جواب عن سؤال نشأ من الأولى، لم لا تبرىء نفسك؟ ؟ فقال «إن النفس لأمارة بالسوء، فهذه الرابطة القوية بين الجملتين مانعة من العطف، فأشبهت حالة اتحاد الجملتين - وبذلك ظهر الفرق بين كمال الاتصال، وشبه كمال الاتصال.

<<  <   >  >>