للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني في تقسيم القصر باعتبار الحقيقة والواقع إلى قسمين]

(أ) قصر حقيقي (١) - وهو أن يختصَّ المقصورُ بالمقصور عليه بحسب الحقيقة والواقع، بألا يتعدَّاه إلى غيره أصلا - نحو لا إآه إلاَّ اللهُ.

(ب) وقصر إضافي - وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب الإضافة والنسبة إلى شيء آخر معين، لا لجميع ما عداه، نحو: ما خليل إلا مسافر: فانك تقصد قصر السفر عليه بالنسبة لشخص غيره، كمحمود مثلا وليس قصدك أنه لا يوجد مُسافر سواه، إذ الواقع يشهد ببطلانه.

الرابع - الأصل في (إنما) أن تجيء لامر من شأنه ألا بجهله المخاطب، ولا

تنبيهات

الأول - الاصل في العطف أن ينص فيه على المثبت له الحكم، والمنفي عنه الا إذا خيف التطويل - وفي الثلاثة الباقية ينص على المثبت فقط.

الثاني - النفي بلا العاطفة - لا يجتمع مع (النفي والاستثناء) فلا تقول ما محمد الا ذكي لاغبي، لان شرط جواز النفي (بلا) أن يكون ما قبلها منفيا بغيرها.

ويجتمع النفي بلا العاطفة مع كل من (انما - والتقديم) ، فتقول: انما محمد ذكي لا غبي وبالذكاء يتقدم محمد لا بالغباوة

والأصل في العطف (بلا) أن يتقدم عليه مثبت، ويتأخر منفي بعده، وقد يترك ايضاحه اختصاراً، مثل: علي يجيد السباحة لا غير، أي لا المصارعة - ولا الملاكمة ولا غير ذلك من الصفات.

الثالث - الأصل في (النفي والاستثناء) أن يجيء لأمر ينكره المخاطب - أو يشك فيه - أو لما هو منزل هذه المنزلة: ومن الاخير قوله تعالى: (وما أنت بمسمع من في القبور، إن أنت إلا نذير)

ينكره، وإنما يراد تنبيه فقط، أو لما هو منزل هذه المنزلة، فمن الأول قوله تعالى: (إنما يستجيب الذين يسمعون) وقوله تعالى (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) ومن الثاني قوله تعالى حكاية عن اليهود (إنما نحن مصلحون) فهم قد ادعوا أن إصلاحهم أمر جلي لا شك فيه - وقال الشاعر:

أنا الزائد الحامي الذمار وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

أسباب ونتائج

الغاية من القصر: تمكين الكلام وتقريره في الذهن - كقول الشاعر

وما المرء إلا كالهلال وضوئه يوافي تمام الشهر ثم يغيب

ونحو: وما لامرىء طول الخلود وإنما يخلده طول الثناء فيخلد

وقد يراد بالقصر بالمبالغة في المعنى - كقول الشاعر:

وما المرء إلا الأصغر ان لسانه ومعقوله والجسم خلق مصور

وكقوله: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على

و (ذو الفقار) لقب سيف الامام علي (كرم الله وجهه) ، وسيف العاص بن منبه والقصر: قد ينحو فيه الأديب مناحي شيء، كان يتجه إلى القصر الاضافي، رغبة في المبالغة - كقوله:

وما الدنيا سوى حلم لذيذ تنبهه تباشير الصباح

وقد يكون من مرامي القصر التعريض - كقوله تعالى (إنما يتذكر أولوا الألباب) إذ ليس الغرض من الآية الكريمة أن يعلم السامعون ظاهر معناها، ولكنها تعريض بالمشركين الذين في حكم من لا عقل له.


(١) ومنه نوع يسمى بالقصر الحقيقي (الادعائي) ويكون على سبيل المبالغة بفرض أن ما عدا المقصور عليه لا يعتد به.

<<  <   >  >>