(٢) فالمجردة - هي التي لم تقترن بما يلائم المعنيين: كقول الخليل لما سأله الجبار عن زوجته: فقال «هذه أختي» - أراد أخوة الدين، وكقوله (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) . (٣) المرشحة - هي التي اقترنت بما يلائم المعنى القريب، وسميت بذلك لتقويتها به، لأن القريب غير مراد، فكانه ضعيف، فاذا ذكر لازمه تقوى به، نحو (والسماء بنيناها بأيد) فانه يحتمل (الجارحة) وهو القريب، وقد ذكر من لوازمه البنيان على وجه الترشيح:، ويحتمل (القدرة) وهو البعيد المقصود، وهي قسمان باعتبار ذكر اللازم قبلها أو بعدها. (٣) والمبنية هي ما ذكر فيها لازم المعنى البعيد - سميت بذلك لتبيين المورى عنه، بذكر لازمه، إذ كان قبل ذلك خفياً، فلما ذكر لازمه تبين: نحو يا من رآني بالهموم مطوقا وظللت من فقدي غصونا في شجون أتلومني في عظم نوحي والبكا شأن المطوق أن ينوح على غصون وهي أيضا قسمان باعتبار ذكر اللازم قبل أو بعد. (٤) والمهيأة - هي التي لا تقع التورية فيها إلا بلفظ قبلها أو بعدها، فهي قسمان أيضاً. فالأول - وهو ما تتهيأ بلفظ قبل، نحو قوله وأظهرت فينا من سماتك سنة فأظهرت ذاك الفرض من ذلك الندب فالفرض والندب معناهما القريب الحكمان الشرعيان، والبعيد، الفرض، معناه العطاء، والندب، معناه الرجل السريع في قضاء الحوائج، ولولا ذكر السنة لما تهيأت التورية ولا فهم الحكمان. والثاني - وهو ما تتهيأ بلفظ بعد: كقول الامام على رضي الله تعالى عنه في الاشعث بن قيس، أنه كان يحرك الشمال باليمين، فالشمال معناها القريب ضد اليمين، والبعيد جمع شملة، ولولا ذكر اليمين بعده لما فهم منه السامع معنى اليد الذي به التورية: ومن المجردة قوله حملناهمو طراً على الدهم بعدما خلعنا عليهم بالطعان ملابسا فان الدهم له معنيان - قريب: وهو الخيل الدهم، وليس مراداً، وبعيد، وهو القيود الحديد السود، وهو المراد، ومن المرشحة قوله تعالى (ولا يدينون دين الحق حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فان المراد من اليد الذلة، وقد اقترنت بالاعطاء الذي يناسب المعنى القريب، وهو العضو.