للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومرجعك في ادراك أسرار البلاغة إلى الذوق الأدبي والإحساس الروحي

[المبحث الثاني في الإطناب وأقسامه]

الإطناب: زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، أو هو تأدية المعنى بعبارة زائدة عن متعارف أوساط البلغاء: لفائدة تقويته وتوكيده - نحو (رب إني وهنَ العظم مني واشتعل الرأس شيبا) - أي: كبرتُ فاذا لم تكن في الزيادة فائدة، يسمى «تطويلا» إن كانت الزيادة في الكلام غير متعينة.

ويسمى «حشواً» إن كانت الزيادة في الكلام متعينة لا يفسد بها المعنى فالتطويل - كقول عدي العبادي: في جذيمةَ الأبرش

وقدَّدت الأديم لراهشيه وألفى قولها كذباً وميناَ (١)

فالمينُ والكذب بمعنى واحد. ولم يتعين الزائد منهما، لأن العطف بالواو: لا يفيد ترتيباً ولا تعقيباً ولا معية، فلا يتغير المعنى باسقاط أيهما شئت والحشو - كقول زهير بن أبي سلمى:


(١) وقدت أي قطعت، والضمير فيه يعود على الزباء، وهي امرأة ورثت الملك عن أبيها - والأديم الجلد، ولراهشيه، أي: إلى أن وصل القطع للراهشين، وهما عرقان في باطن الذراع يتدفق الدم منهما عند القطع - والضمير في ألفى يعود على المقطوع راهشاه، وهو جذيمة الابرش، والمراد الاخبار بأن جذيمة غدرت به الزباء، وقطعت راهشيه، وسأل منه الدم حتى مات، وأنه وجد ما وعدته من تزوجه بها كذبا ومينا - وهما بمعنى واحد، واحدى الكلمتين زائدة فلا يتغير المعنى باسقاط أيهما شئت وكقول الشاعر:
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها التأى والبعد
فالنأي والبعد بمعنى واحد، ولا يتعين أحدهما للزيادة.

<<  <   >  >>