للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني في المجاز اللّغوي المفرد المرسل، وعلاقاته

المجاز المفرد المرسل: هو الكلمة المستعملة قصداً في غير معناها الأصلي لملاحظة علاقة (١) غير (المشابهة) مع قرينة (٢) دالّة على عدم إرادة المعنى الوضعي.

وله علاقات كثيرة - أهمها

(١) السببية - وهي: كون الشيء المنقول عنه سبباً، ومؤثراً في غيره، وذلك فيما إذا ذكر لفظ السبب، وأريد منه المسبب، نحو: رعت الماشية الغيث - أي النبات، لأن الغيث أي (المطر) سبب فيه (٣)

وقرينته (لفظية) وهي (رعت) لأن العلاقة تعتبر من جهة المعنى المنقول عنه ونحو: لفلان على يد: تريد باليد: النعمة، لأنها سبب فيها.


(١) القرينة: هي الامر الذي يجعله المتكلم دليلا على أنه أراد باللفظ غير ما وضع له، فهي تصرف الذهن عن المعنى الوضعي، إلى المعنى المجازي - وبتقييد القرينة بمانعة الخ خرجت (الكناية) فان قرينتها لا تمنع من أرادة المعنى الأصلي - والقرينة إما لفظية - أو حالية، فاللفظية: هي التي يلفظ بها في التركيب - والحالية: هي التي تفهم من حال المتكلم، أو من الواقع
وأما القرينة التي تعين المراد من المجاز، فليست شرطا، واعلم أن كلا من المجاز والكناية في حاجة إلى قرينة، ولكنها في المجاز مانعة، وفي الكناية غير مانعة.
(٢) سمى (مرسلا) لاطلاقه عن التقييد بعلاقة واحدة مخصوصة، بل له علاقات كثيرة، واسم العلاقة يستفاد من وصف الكلمة التي تذكر في الجملة - وليس المقصد من العلاقة إلا بيان الارتباط والمناسبة، فالفطن يرى ما يناسب كل مقام، وقيل سمى (مرسلا) لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة
(٣) وكقول الشاعر: له أياد على سابغة أعدُّ منها ولا أعددها
وكقوله: ... ... قامت تظللني من الشمس نفس أحب إلى من نفسي
... ... قامت تظللني ومن عجب شمس تظللني من الشمس
فائدة: القصد من العلاقة: أنما هو تحقق الارتباط - والذكي يعرف مقال كل مقام، ثم ان (العلاقة) قيل تعتبر من جهة المعنى المنقول عنه، الذي هو الحقيقي - وقيل تعتبر من جهة المعنى المنقول إليه، لأنه المدار - وقيل تعتبر من جهتهما، رعاية لحقيهما.
واعلم أن اللفظ الواحد: قد يكون صالحاً بالنسبة إلى معنى واحد، لأن يكون مجازا مرسلا، واستعارة باعتبارين.

<<  <   >  >>