للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني في المجاز (١)

المجاز: مشتق من جاز الشيء يجوزه، إذا تعداه - سموا به اللفظ الذي نقل من معناه الاصلي، واستعمل ليدل على معنى غيره، مناسب له والمجاز: من أحسن الوسائل البيانية التي تهدى اليها الطبيعة: لإيضاح المعنى، إذ به يخرج المعنى متصفاً بصفة حسية، تكاد تعرضه على عيان السامع - لهذا شغفت العرب باستعمال (المجاز) لميلها إلى الاتساع في الكلام، والى الدلالة على كثرة معاني الألفاظ، ولما فيها من الدقة في التعبير، فيحصل للنفس به سرور وأريحية، ولأمر ما كثر في كلامهم، حتى أتوا فيه بكل معنى رائق، وزينوا به خطبهم وأشعارهم.

وفي هذا الباب مباحث


(١) أقول: إن المخلوقات كلها تفتقر إلى أسماء، يستدل بها عليها، ليعرف كل منها باسمه، من أجل التفاهم بين الناس، وهذا يقع ضرروة لا بد منها، فالاسم الموضوع بازاء المسمى هو حقيقة له - فاذا نقل إلى غيره صار مجازا، واعلم أنه ليس لكل مجاز (حقيقة) يتفرع عنها، فلفظ (الرحمن) استعمل مجازاً في المنعم، ولم يستعمل في معناه الوضعي، وهو: الرقيق القلب، ولكن الغالب أن يتفرع المجاز عن الحقيقة.

<<  <   >  >>