للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاتمة

علمت أن البلاغة متوقفة على مطابقة الكلام لمقتضى الحال، ورأيت في ما تقدم من الأحكام، أن مقتضى الحال يجري على مقتضى الظاهر وهذا بالطبع هو الأصل، ولكن قد يُعدل عمّا يقتضيه الظاهر إلى خلافه، مما تقتضيه الحال في بعض مقامات الكلام، لاعتبارات يراها المتكلم وقد تقدَّم كثير من ذلك العدول (المسمّى باخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر) في الأبواب السابقة:

وبقى من هذا القبيل أنواع أخرى كثيرة:

الأول - الالتفات: وهو الانتقال من كل من التكلم - أو الخطاب أو الغيبة - إلى صاحبه، لمقتضيات ومناسبات تظهر بالتأمل في مواقع الالتفات، تفنناً في الحديث، وتلويناً للخطاب، حتى لا يمل السّامع من التزام حالة واحدة، وتنشيطا وحملا له على زيادة الاصغاء: «فان لكل جديد لذة» ولبعض مواقعه لطائف، ملاكُ إدراكها الذوق السليم، واعلم أن صور العدول إلى الالتفات ستة.

(١) عدول من التَّكلم إلى الخطاب - كقوله تعالى (ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون) والقياس «واليه أرجع»

(٢) عدولٌ من التكلّم إلى الغيبة - كقوله تعالى (ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)

(٣) عدول من الخطاب إلى التّكلم - كقوله تعالى (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود)

<<  <   >  >>