(٢) يقال في اجرائها شبهت الاذاقة باللباس، واستعير الالباس للاذاقة، بجامع الاشتمال في كل، واشتق منه ألبس بمعنى أذاق، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية - ثم حذف لفظ المشبه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو اللباس، على طريق الاستعارة المكنية (٣) قد يراد بالاستعارة المعنى المصدري: أي استعمال اللفظ في غير ما وضع له، فيكون اللفظ مستعاراً، والمشبه به مستعاراً منه، والمشبه مستعاراً له. (٤) إذا لم يكن اللازم كذلك، اعتبر ترشيحاً - فالفرق بين الترشيح والتخييل: (أ) أن الترشيح يكون في المصرحة والمكنية: والتخييل، إنما يكون في المكنية. (ب) أن التخييل به كمال المشبه به، أو قوامه في وجه الشبه، ولا يكون إلا كذلك. (٥) وعلى مذهبهم لا تكون التخييلية (مجازاً لغوياً) لأنها فعل من أفعال النفس، وهو الاثبات، والمجاز اللغوي من عوارض الألفاظ، وعلى مذهبهم أيضاً تتلازم المكنية والتخييلية، إلا أن أحدهم وهو (الزمخشري) انفرد من بينهم بأن قال إن قرينة المكنية قد تكون تحقيقية إذا كان للمشبه لازم يشبه لازم المشبه به نحو «ينقضون عهد الله» فقد شبه العهد بالحبل بجمع أن كلا يصل بين شيئين ويربطهما: فالعهد يربط المتعاهدين كما يربط الشيئان بالحبل، ثم حذف لفظ المشبه به، وهو الحبل واستعير النقض وهو فك طاقات الحبل، لأبطال العهد، بجامع الافساد في كل (استعارة أصلية تحقيقية) ثم اشتق من النقض ينقضون بمعنى يبطلون، على سبيل الاستعارة، (التحقيقية التبعية) فالزمخشري يجمع بين المكنية والتحقيقية أحياناً، على أن التحقيقية ليست مقصودة لذاتها، وإنما جاءت تبعا للمكنية، للدلالة عليها، فلا تلازم عنده بين المكنية والتخييلية، إلا أن يدعى أن القرينة (تصريحية) باعتبار المعنى المقصود في الحالة الراهنة (تخييلية) باعتبار الاشعار بالأصل، أما غيره من السلف فتقول: شبه العهد بالحبل، وحذف لفظ الحبل، ورمز إليه بلازمه، وهو النقض، وإثبات النقض للعهد تخييل. (٦) من هذا التعريف نفهم أولا: أن (القزويني) يخالف السلف في تعريف المكنية ويتفق معهم في قرينتها، ونفهم ثانيا أن المكنية والتخييلية عند القزويني فعلان من أفعال النفس هما التشبيه والاثبات، فليسا من المجاز اللغوي، لأنه من عوارض الألفاظ وتكون التخييلية عند (القزويني) والقوم (مجازاً عقليا) لما فيها من اثبات الشيء لغير ما هو له، وإنما سموها (استعارة) لما فيها من نقل اللازم من ملائمه الأصلي، وهو المشبه به إلى المشبه، وسموها تخييلية لأن اللازم لما نقل من المشبه به إلى المشبه صار السامع يخيل إليه أن المشبه من جنس المشبه به، ونفهم ثالثاً أن لفظ اللازم في المكنية حقيقة عند (القزويني) . (٧) تقرير الاستعارة على مذهب (السكاكي) أن يقال: شبهنا المنية التي هي الموت المجرد عن ادعاء السبعية، بالسبع الحقيقي، وادعينا أنها فرد من أفراده، وأن للسبع فردين فردا متعارفا وهو الحيوان المفترس، وفردا غير متعارف وهو الموت الذي ادعيت له السبعية، واستعير اسم المشبه وهو المنية بمعنى ذلك الفرد غير المتعارف، أعني الموت الذي ادعيت له السبعية، فصح بهذا أنه قد أطلق اسم المشبه، وهو المنية، وأريد به المشبه به، وهو السبع. (٨) يرى (السكاكي) أن التخييلية قد توجد من غسير المكنية كقولهم: أظفار المنية التي كالسبع نشبت بفلان ففي أظفار (استعارة تخييلية) وجدت مع تشبيه صريح ولكن هذا بعيد إذ لم يوجد له نظير في الكلام العربي «فالفرق بين السكاكي وغيره أن السكاكي يرى أن كل مكنية معها تخييلية ولا عكس، وغيره (إلا الزمخشري) يقول إنهما متلازمتان. (٩) كذلك يدخل فيه الاسم المبهم، فقد جعل بعضهم استعارة الاشارة والضمير والموصول من التبعية، لأن كلا من هذه المبهمات ليس من اسم الجنس لا تحقيقا ولا تأويلا، إذ أن معانيها جزئية - والأصلية: مختصة باسم الجنس، فاذا قلت: هذا رأي حسن فقد استعرت اسم الاشارة من المحسوس للمعقول، ويقال: شبه المعقول مطلقا بالمحسوس مطلقا في قبول التمييز والتعبير، فسرى التشبيه من الكليات إلى الجزئيات فاستعير لفظ (هذا) من جزئي المشبه به لجزئي المشبه استعارة تبعية، لقصد المبالغة في بيان تعيين المعقول، وإذا قلت لنسوة: إني منتظركم، فقد شبهت مطلق مخاطبة فيها عظمة بمطلق مخاطب فيه عظمة بجامع العظمة في كل فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، فاستعير ضمير جماعة الذكور من جزئي المشبه به لجزئي المشبه، استعارة تبعية، وكذا إذا استعملت في المؤنث ما وضع من اسماء الموصول في المذكر. وإذا عاد الضمير أو اسم الاشارة على مجاز، نحو: زارني هذا الأسد فاكرمته فليس فيهما تجوز بناء على أن وضعهما أن يعودا على ما يراد بهما من حقيقة أو مجاز، وقيل فيهما تجوز تبعاً لما يرجعان إليه ويكونان مستعارين بناء على التشبيه والاستعارة في مرجعهما، فيدخلان في التبعية. (١٠) لو دخلت أن المصدرية على فعل مستعار نحو: يسؤني أن يطغى الماء على قربتي، فالحق أنها تبعية وأن المستعار هو الفعل وحده وهو الذي حل محل يكثر أو يعلو، والعبرة باللفظ، والمصدر غير ملفوظ به، و «أن» إنما آلة في السبك أتى بها لغرض هو تاويل مدخولها بمصدر، فاذا أدى بها هذا الغرض طرحت كما تطرح الآلة إثر إتمام العمل الذي يؤدي بها، وقال بعضهم إنها أصلية نظراً للمصدر المؤول. (١١) يراد بالصفة: اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل ويلحق بها المصغر والمنسوب كرجل إذا أريد به رجل كبير يتعاطى مالا يليق به وكقرشي لمصري يتخلق بأخلاق القرشيين فان استعارتهما تابعة لاستعارة مصدرين لمشتقين، يؤدي هذان اللفظان معناهما وهما صغير ومنتسب إلى قريش، شبه فعل ما لا يليق، بالصغر، بجامع أن كلا يسقط الهيبة، واستعير لفظ الصغر لفعل مالا يليق ثم اشتق منه صغير بمعنى فاعل ما لا يليق، ثم عبر عن فاعل ما لا يليق بلفظ رجيل، أو شبه رجيل، أو شبه مطلق فعل ما لا يليق، بمطلق الصغر، فسرى التشبيه إلى فردى المشبه والمشبه به وهما فاعل ما لا يليق ورجيل، ثم استعير بناء على التشبيه الحاصل بالسريان رجيل للكبير الذي يفعل فعل الصغير، وشبه التخلق بأخلاق قريش بالانتساب إليهم واستعير الانتساب للتخلق واشتق منه المنتسب بمعنى المتخلق بأخلاقهم ثم عبر عن هذا بلفظ يؤديه وهو «قرشي» على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية. (١٢) شبه الضرب بالقتل بجامع شدة الايذاء في كل ثم استعير للضرب الشديد على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية، ثم اشتق منه «مقتال» بمعنى آلة الضرب على سبيل الاستعارة التبعية، وشبه الاعراض عن سوء القول وعدم سمعه بالصمم بجامع عدم تأثر النفس بالقول في كل، وكذا شبه الاغضاء عن العورات بالعمى، بجامع عدم تأثر النفس بالمرئي في كل. (١٣) لأن كلا من الطغيان والنطق من شأن الانسان. (١٤) لأن الضرب من شأن الخيام، لا من شأن الذلة التي هي أمر معنوي. (١٥) لأن القتل والاحياء لا يقعان إلا على ذي روح، والبخل والسماح معنويان لا روح فيهما، فدل هذا: على أن المراد بالقتل الازالة، وبالاحياه الاكثار، شبه الازالة بالقتل بجامع ما يترتب على كل من العدم، والاكثار بالاحياء بجامع إظهار المتعلق في كل. (١٦) القرينة تعلق الفعل «صبح» بمرهفات وهي مفعولي به ثان يقال، صبحه كقطع سقاه الصبوح، وهو شراب الغداة، ومرهفات أي سيوفا مرهفات، يقال ارهف السيف إذا حدده ورققه، وأباده أهلكه، والارومة الأصل، والضمير في أرومتها للخزرجية، وفي «ذووها» للمرهفات - يقول: أيدنا أصول هذه القبيلة بسيوفنا المرهفات، ونزل التضاد منزلة التناسب، فشبه الاساءة إلى الخزرجية صباحاً بالاحسان إليهم، وتقديم الصبوح لهم، بجامع إدخال السرور على النفس في كل، وإن كان ادعائيا في المشبه، ثم استعار لفظ المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية العنادية التهكمية، ثم اشتق من الصبوح بمعنى الضرب بالمرهفات «صبح» بمعنى ضرب بها على سبيل الاستعارة التبعية. (١٧) الجفن غطاء العين وغلاف السيف استعير لأكمام الزهر بجامع التغطية في كل، وكنى بسريان النوم فيها عن ذيولها، وإيقاظ مصدر أيقظ، مستعار لتفتيح الزهر وإيجاد النضرة والبهجة فيه، وقد حسن التعبير بالألفاظ مجيئه بعد النوم والأجفان، والمعنى: تهب الرياح على بساتين الحزن فتكسوها تفتيحا وحسنا ونضارة. (١٨) قوله بعذاب: قرينة على أن «بشر» مستعار، لأن التبشير إخبار بما يسر فلا يناسب تعلقه بالعذاب، وقوله: «بما تؤمر» كذلك لأنه معنوي والصدع للمحسوس، كما أن الحق معنوي أيضاً، فكل منها كان صارفا عن المعنى الأصلي للفعل إلى المعنى المجازي. (١٩) هذا على أن مرقد اسم مكان، وإلا فالاستعارة أصلية كما تقدم. (٢٠) إيضاح: مثل الابتداء والظرفية والاستعارة معان كلية، يصح أن تكون مستقلة بالفهم، يحكم بها وعليها، وتكون مقصودة لذاتها، ولكن الابتداء المفهوم من لفظ «من» ابتداء مخصوص لم يقصد لذاته، بل الغرض منه الربط بين معنيين مستقلين بالفهم: هما السير والبصرة في قولك: سرت من البصرة، ولذا كان جزئيا بالنسبة للابتداء الأول، وما قيل في الابتداء يقال نظيره في الظرفية والعلة الغائية والاستعلاء، وغيرها من المعاني التي تستفاد من الحروف نحو: في، واللام، وعلى فأي معنى يستفاد من الحرف في جملة ما، يعتبر جزئيا من كليه، غير مقصود لذاته، بل للربط بين معنيين مستقلين، وتعتبر الحروف حينئذ روابط بين المعاني المقصودة. (٢١) العداوة والحزن علة واقعية للالتقاط. (٢٢) العلة الغائية لفعل هي التي تحمل على تحصيله لتحصل بعد حصوله كتبني فرعون لموسى، ومحبة موسى إياه، لأن فرعون وآله إنما كفوله بعد التقاطه لذلك. (٢٣) إلا أن الترتب في الغائبة (رجائي أو تقديري) وفي العداوة والحزن (واقعي) . (٢٤) جزئي المشبه هنا هو ترتب العداوة والحزن الخاصين المتعلقين (بموسى) . (٢٥) جزئي المشبه به هنا هو ترتب علة الالتقاط الخاصة: وهي تبنى موسى والمحبة، لأنهما متقدمان على كفالته بعد الالتقاط، ومرتبان عليه في الخارج.. (٢٦) شبه مطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه، بمطلق ارتباط بين ظرف ومظروف، بجامع التمكن، أو مطلق الارتباط في كل، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، فاستعير لفظ «في» من جزئيات المشبه به، لجزئي من جزئيات المشبه استعارة تبعية. (٢٧) شبه مطلق ارتباط بين مهدي وهدى، بمطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه، بجامع مطلق الارتباط في كل، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، فاستعير لفظ «على» من جزئيات المشبه به، لجزئي المشبه، استعارة تبعية. (٢٨) شبه مطلق ملابسة الانسان للنعمة، بمطلق ملابسة بين ظرف ومظروف بجامع مطلق الملابسة في كل، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، فاستعير لفظ «في» من جزئيات المشبه به، لجزئي من جزئيات المشبه، استعارة تبعية.