للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين دخل على يزيد، وقد مات أبوه معاوية، وخلقه هو في الملك.

«آجرك الله على الرزية، وبارك لك في العطية، وأعانك على الرعية فقد رُزئت عظيماً، واعطيت جسيما، فاشكر الله على ما أعطيت، واصبر على ما رُزيت، فقد فقدت الخليفة، وأعطيت الخلافة، ففارقت خليلا ووهبت جليلاً»

اصبر يزيد فقد فارقت ذا ثقةٍ واشكر حباء الذي بالملك أصفاك

لا رُزء أصبح في الأقوام نعلمه كما رُزئت ولا عُقبى كعقباك

وكقول عنترة يخاطب عبلة:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل منِّى وبيض الهند تقطُر من دمى

فوددتُ تقبيلَ السيوف لأنها لمعت كبارقٍ ثغرِك المُتبسِّم

(٥) الطباق (١)

الطباق: هو الجمع بين لفظين متقابلين في المعنى، وهما قد يكونان اسمين - نحو: قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) وكقوله تعالى «وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود» أو فعلين - نحو: قوله (وأنّه هو أضحك وأبكى وأنَّهُ هو أمات وأحيا) - وكقوله تعالى «ثم لا يموتُ فيها ولا يحيا» أو حرفين - نحو: قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) أو مختلفين - نحو: قوله تعالى (ومن يضلل الله فما له من هاد) (٢)

ونحو: قوله تعالى «أو من كان ميتاً فأحييناه»

فيكون تقابل المعنيين وتخالفهما مما يزيد الكلام حسناً وطرافة


(١) ويسمى بالمطابقة، وبالتضاد، وبالتطبيق، وبالتكافؤ، وبالتطابق - وهو أن يجمع المتكلم في كلامه بين لفظين، يتنافى وجود معناهما معاً في شيء واحد، في وقت واحد، بحيث، يجمع المتكلم في الكلام بين معنيين متقابلين، سواء أكان ذلك التقابل: تقابل الضدين، أو النقيضين، أو الايجاب والسلب، أو التضايف.
(٢) والطباق ضربان: أحدهما طباق الايجاب: وهو ما لم يختلف فيه الضدان ايجابا وسلبا نحو (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء)
وكقوله حلو الشمائل وهو مر باسل يحمى الذمار صبيحة الارهاق
وثانيهما طباق السلب: وهو ما اختلف فيه الضدان ايجابا وسلبا، بحيث يجمع بين فعلين من مصدر واحد - أحدهما مثبت مرة، والآخر منفي تارة أخرى في كلام واحد - نحو (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله) ونحو (لا يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا) (وقل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ، أو أحدهما أمر، والآخر نهى نحو (اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) ونحو: (فلا تخشوا الناس واخشون) ، وملخص الطباق الذي هو الجمع بين معنيين متقابلين في كلام واحد، وهو نوعان.
(١) طباق سلب - وهو أن يجمع بين فعلين، من مصدر واحد، أحدهما مثبت، والآخر منفي، وأحدهما أمر، والآخر نهي.
(٢) طباق الايجاب - وهو ما كان تقابل المعنيين فيه بالتضاد، ويلحق بالطباق، ما بني على المضادة، تأويلا في المعنى، نحو (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) فان التعذيب لا يقابل المغفرة صريحاً لكن على تاويل كونه صادراً عن المؤاخذة التي هي ضد المغفرة، أو تخييلا في اللفظ باعتبار أصل معناه - نحو (من تولاه فانه يضله ويهديه الىعذاب السعير) أي يقوده فلا يقابل الضلالة بهذا الاعتبار ولكن لفظه ياقبلها في أصل معناه، وهذا يقال له «إيهام» التضاد.

<<  <   >  >>