قالوا اشتكت عينه فقلت لهم من كثرة القتل نالها الوصب حمرتها من دماء من قتلت والدم في السيف شاهد عجب وكقوله: فلئن بقيت لأرحلن بغزوة تحوى الغنائم أو يموت كريم وكقوله: عداتي لهم فضل على ومنة فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا وكقوله: لو لم يكن أقحوانا ثغر مبسمها ما كان يزداد طيبا ساعة السحر (٢) أي يشر الكأس بكف الجواد - انتزع منه جواداً يشرب هو بكفه على طريق الكناية، لأن الشرب بكف غير البخيل يستلزم الشرب بكف الكريم وهو لا يشرب إلا بكف نفسه، فاذاً هو ذلك الكريم ومن التجريد خطاب المرء نفسه: كقول المتنبي لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم تسعد الحال. أي الغنى - فقد انتزع من نفسه شخصاً آخر وخاطبه، وهذا كثير في كلام الشعراء، وانما سمى هذا النوع تجريداً لأن العرب تعتقد أن في الانسان معنى كامناً فيه كأنه حقيقته، فتخرج ذلك المعنى إلى ألفاظها مجرداً عن الانسان، كأنه غيره، وفائدة هذا النوع (مع التوسع) أن يثبت الانسان لنفسه مالا يليق التصريح بثبوته له.