للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أ) إما إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة، إذا كان جاهلا له، ويسمى هذا النوع «فائدة الخبر» نحو «الدين المعاملة» .

(ب) وإما إفادة المخاطب أن المتكلم عالم أيضا بأنه يعلم الخبر كما تقولُ: لتلميذ أخفى عليك نجاحه في الامتحان - وعلمته من طريق آخر: أنت نجحت في الامتحان، ويسمى هذا النوع.

«لازمَ الفائدة» لأن يلزم في كل خبر أن يكون المخبر به عنده علمٌ أو ظَن به.

وقد يخرج الخبر عن الغرضين السابقين إلى أغراض أخرى تستفاد بالقرائن، ومن سياق الكلام: أهمها:

(١) الاسترحام والاستعطاف، نحو إني فقير إلى عفو ربي (١)

(٢) وتحريكُ الهمة إلى ما يلزم تحصيله، نحو: ليس سواء عالم وجهول.

(٣) وإظهار الضعف والخشوع، نحو (ربّْ إني وَهنَ العظم منيّْ) .

(٤) وإظهار التحسر على شيء محبوب نحو (رب إني وضعتها أنثى) .

(٥) وإظهار الفرح بمقبل - والشماتة بمدبر، نحو (جاء الحق وزهق الباطل) .

(٦) والتوبيخ كقولِ: للعاثر: (الشمس طالعةٌ)

(٧) التَّذكير بما بين المراتب من التَّفاوت - نحو: (لا يستوي كسلان ونشيط) .

(٨) التحذير - نحو (أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق) .

(٩) الفخر نحو: إن الله اصطفاني من قريش

(١٠) المدح كقوله:

فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكب

وقد يجيء لأغراض أخرى - والمرجع في معرفة ذلك إلى الذوق والعقل السليم.

تمرين

عين الأغراض المستفادة من الخبر في الأمثلة الآتية:

(١) قال تعال: «لله ما في السموات وما في الأرض، وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله؛ فيغفر لمن يشاء، ويعذبُ من يشاء، والله على كل شيء قدير» .

(٢) وقال تعالى: «عبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكَّى، أو يذكر فتنفعه الذكرى، أما من استغنى فأنت له تصدى، وما عليك ألاَّ يزَّكى! وأما من جاءك يسعى وهو يخشى، فأنت عنه تلهى» .

(٣) وقال صلى الله عليه وسلم: «عدل ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة» .

(٤) وقال: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل أشركه الله في حكمه، فأدخل عليه الجور في عدله.

(٥) ومن خطبة له عليه السلام بمكة حين دعا قومه إلى الاسلام: إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم حقاً، وإلى الناس كافة.

(٦) وقال الشريف الرضي:

جار الزمان فلا جوادٌ يرتجى ... للنائبات ولا صديق يُشققُ

وإذا الحليم رمى بسر صديقه ... عمداً فأولى بالوداد الأحمق

(٧) وقال المعري:

عرفت سجايا الدهر، أما شروره ... فنقدٌ، وأما خيره فوعود

(٨) وقال:

رأيت سكوتي متجراً فلزمته ... إذا لم يفد ربحا فلستُ بخاسر

(٩) وقال أيضاً:

أرى ولد الفتى عبئاً عليه ... لقد سعد الذي أمسى عقيما

فإما أن يربيهُ عدوا ... وإما أن يُخلفه يتيما

(١٠) قال ابن حيوس مادحاً:

بني صالح أفسدتم من رميتم ... وأحييتم من أم معروفكم قصدا

وذللتم صعب الزمان لأهله ... فذلَ وقد كان الجماح له وكدا

مناقب لو أن الليالي توشَحت ... بأذيالها لابيضَّ منهن ما أسودا

(١١) وقال أبو فراس.

صبرت على اللاواه صبر ابن حُرَّة ... كثير العدا فيها قليل المُساعد

منعت حمى قومي وسدت عشيرتي ... وقلَّدت أهلي غر هذي القلائد


(١) فليس الغرض هنا إفادة الحكم، ولالازم الفائدة، لأن الله تعالى عليم ولكنه طلب عفو ربه، ولهذا ترى في الكلام العربي أخبارا كثيرة لا يقصد بها افادة المخاطب الحكم، ولا أن المتكلم عالم به، فتكون قد خرجت عن معناها الأصلي السالف ذكره إلى أغراض أخرى.

<<  <   >  >>