الواقعة في حيز الاستفهام دليل على أن أم متصلة، وهي لطلب تعيين أحد الأمرين - ولابدَّ حينئذ أن يعلم بها أولا أصل الحكم.
(وهل) لا يناسبها ذلك - لأنها لطلب الحكم فقط، فالحكم فيها غير معلوم، وإلاّ لم يُستفهم عنه بها، وحينئذ يؤدي الجمع بين (هل - وأم) إلى التناقض.
لأن (هل) تفيد أن السائل جاهل بالحكم لأنها لطلبه «وأم» المتصلة: تفيد أن السائل عالم به، وإنما يطلب تعيين أحد الأمرين - فإن جاءت أم كذلك، كانت منقطعة بمعنى بل التي تفيد الاضراب نحو: هل جاء صديقك أم عدوك.
(ب) وقبح استعمال «هل» في تركيب هو مظنة للعلم بحصول أصل النسبة، وهو ما يتقدم فيه المعمول على الفعل، نحو هل خليلا أكرمت فتقديم المعمول على الفعل، يقتضى غالباًً حصول العلم للمتكلم وتكون هل لطلب حصول الحاصل وهو عبثٌ.
تنبيهات
الأول - هل - كالسين وسوف تُخلّص المضارع للاستقبال، فلا يقال: هل تصديق؟ جواباً لمن قال أحبك الآن، بل تقول له، أتصدق؟ ولأجل اختصاصها بالتصديق، وتخليصها المضارع للاستقبال قوى اتصالها بالفعل لفظاً أو تقديراً نحو هل يجيء عليّ - أو هل عليّ يجيء؟ فإن عدل عن الفعل إلى الاسم لابراز ما يحصل في صورة الحاصل دلالة على كمال العناية بحصوله كان هذا العدول أبلغ في إفادة المقصود كقوله تعالى «فهل أنتم شاكرون» فهذا التركيب أدل على طلب الشكر من قولك، هل تشكرون - وذلك لأن الفعل لازم بعد هل والعدول عنه يدل على قوة الداعي لذلك، لما ذكر
الثاني - هل نوعان: بسيطة - ومركبة
(أ) فالبسيطة هي التي يستفهم بها عن وجود شيء في نفسه، أو عدم وجوده، نحو هل العنقاء (١) موجودة - ونحو: هل الخلّ الوفي موجود.
(١) حكى الزمخشري في (ربيع الأبرار) أن العنقاء كانت طائراً وكان فيها من كل شيء من الألوان وكانت في زمن أصحاب الرس تأتي إلى أطفالهم وصغارهم فتخطفهم وتغرب بهم نحو الجبل فتأكلهم، فشكوا ذلك إلى نبيهم (صالح) عليه السلام فدعا الله عليها فأهلكها وقطع عقبها ونسلها فسميت (عنقاء مغرب) لذلك.