يزيلها إلا لطفك، ومحنتنا لا يكشفها إلا عطفك، وقد أكدت لنا في كتابك أن نسمات رحمتك تحيي ما كاد يجف من آمالنا، وبشائر مغرفتك تستر ما عظم من سيئ أعمالنا، وسريع يسرك يغلب ما تفاقم من عسرنا، وعظيم لطفك يمحو ما اشتد من آلامنا، فتداركنا بما يضمد جراحنا، ويقوي عزائمنا، ويوفقنا للسير في الطريق الذي اخترته لنا ولا تحرمنا من عمل ننوي القيام به لخالص وجهك، ومحض مرضاتك، ولا تحجب عنا من لطائف رحمتك ما تنعش به آمال المنتمين إليك، المستجيرين بك، الداعين لك، إنك بنا رؤوف رحيم.
[محنة العالم]
محنة العالم في إقبال الدنيا عليه، أشد من محنته في إعراضها عنه؛ فإن الزهد فيما ولى يأس، والزهد فيما أقبل قوة خلق وعظم نفس، وعظماء النفوس أعظم في الناس أثراً، وأكبر عند الله قدراً من الزاهدين في يأس الصالحين في غير محنة.
[أشد من الصبر والحرمان]
الثبات على الصبر أشد من الصبر نفسه، والرضا بالحرمان أشد من الحرمان نفسه، وما كل صابر ثابت، ولا كل محروم راض، ولا كل نائحة ثكلى، ولا كل عبوس حزين، ولا كل محب متيم.