فما السر في هذا الفرق العجيب بين المدنيات والبدويات؟! أهو ترف الحضارة الذي يضعف في الجسم المقاومة؟ وخشونة البداوة التي تقوي فيه المناعة والقدرة على تحمل المشاق؟ فإن كان هذا هو سر الفرق بين الأمِّين، فما هو سر الفرق بين الوليدين؟ أيولد ابن البدوية محصناً ضد الضعف والمرض، فلا يتعرض لما يتعرض له أطفال المدن بعد ولادتهم، مما يحتاجون معه إلى عناية الطبيب وسهر الأم أو الحاضنة؟ وإن كان هذا صحيحاً، أفليست البداوة أسلم عاقبة من الحضارة، وأكثر سلامة، وأوسع أمناً؟ وهل يتساوى ما تسلبه منا الحضارة مع ما تمنحنا إياه؟ أيًّا ما كان الأمر فلن نفضل البداوة على الحضارة! إن الإنسانية لن تتطلع إلى الوراء .. البعيد .. البعيد.
[تطاول وغرور]
بدء حياة الإنسان ونهايتها مما حارت فيه عقول الفلاسفة منذ عرف تاريخ الفكر الإنساني حتى الآن، ومع ذلك فهذا الإنسان الذي لم يعرف كيف تبدأ حياته وكيف تنتهي، يريد أن يعرف كنه الله وأين هو؟ ويتساءل: لمَ لا يراه؟ يا لغرور الجاهلين!.
[فضل الأم وجحود الولد]
ليس في الدنيا إنسان يتحمل العذاب راضياً مختاراً في سبيل غيره، كالأم في سبيل ولدها، وليس في الدنيا إنسان