أيها الواصلون إلى الله! لقد خففتم زادكم من الدنيا، وأثقلتم زادكم من التقوى، وصدقتم في الرغبة، وأخلصتم في النية، وأسرعتم في العمل، فمهد لكم طريق الوصول إليه فوصلتم، فما أروع جهادكم، وما أكرم ثوابكم!
أيها العارفون بالله! إن شرف العلم بشرف المعلوم، وقد غبتم عن أنفسكم، وزهدتم في دنياكم، وسكلتم طريقاً لا ييسره إلا للصادقين في معرفته، فلما وصلتم شهدتم وشاهدتم، ولزمتم واستقمتم، فقربكم إليه، وأزال عنكم حجب التعرف عليه، فاكتسبتم من عظمته ما صرتم به في الدنيا عظماء، وامتلأتم من هيبته ما ملأ قلوب الناس هيبة منكم، وعرفتم من إبداعه وكماله وجلاله ما ملأ قلوبكم علماً وتعظيماً، فأي مقام أعلى من مقامكم الذي وصلتم إليه؟ وأي شرف أشرف من تعرفكم عليه؟ وأي سعادة أسعد مما أنتم فيه؟ وأي أمل أنبل من أمل الوصول إليه حيث وصلتم، والذواق من حيث ذقتم، والأنس مع من أنستم؟ هنيئاً لكم .. ويا شوقاه!.
[تحد وجواب]
تحدى الباطل الحق يوماً فقال له: إن عندي من الوسائل ما أغطي به وجهك عن الناس.
فأجابه الحق: وعندي من القوة ما أهتك به تغريرك بالناس.