يا حبيبي! وحقك لولا يقيني بحبك لعتبت عليك، ولولا علمي برحمتك لشكوتك إليك، ولولا ثقتي بعدلك لاستعديتك عليك، ولولا رؤيتي نعمك لاستبطأت كريم إحسانك، ولكني ألجمت الشك باليقين، والتسخط بالرضى، والتبرم بالصبر، فلك مني يا حبيبي رضا قلبي وإن شكا لساني، وهدوء نفسي وإن بكت عيوني، وإشراق روحي وإن تجهم وجهي، وأمل يقيني وإن يئس جسمي، فلا تؤاخذني بصنيع ما يفنى مني، ولك مما أعود به إليك ما تحب.
[مناجاة!]
يا حبيبي! ها أنا بعد خمس سنين لم ينفعني علم الأطباء، ولا أفادتني حكمة الحكماء، ولا أجداني عطف الأصدقاء، ولا آذتني شماتة الأعداء، وإنما الذي يفيدني بعد اشتداد المحنة؛ كسوة الرضا منك، وينفعني بعد القعود عنك؛ حسن القدوم عليك، ويخفف عني، جميل الرعاية لمن زرعتهم بيدك، وعجزت بمحنتي عن متابعة العناية بهم، ومن مثلك يا حبيبي في صدق الوفاء وجميل الرعاية، وحسن الخلافة؟ فإن قضيت في أمرك - وهو نافذ فيَّ لا محالة - فهم وأرضهم الطيبة أمانة عندك، يا من لا تضيع عنده الأمانات، ولا يخيب فيه الرجاء، ولا يلتمس من غيره الرحمة والإحسان.