ينقسم حيدث الناس عن الجامعة العربية في مثل هذه المناسبات إلى ناحيتين اثنتين: الفكرة التي قامت عليها الجامعة، والخطة التي سارت عليها الجامعة لتحقيق تلك الفكرة.
[فكرة الجامعة]
أما الجامعة العربية كفكرة، فنحن من الذين يرونها أمراً لا بد منه مهما طال الزمن أو قصر؛ إن وحدة العرب واجتماع شملهم ووقوفهم بين الأمم كأمة واحدة في وطنها وفي رسالتها هو مما لا مجال للنزاع فيه؛ لأنه منطق الحياة، ومنطق التاريخ، ومنطق الحوادث، ولندع لأولئك الذين يشككون في هذه الحقيقة عن طريق العلم، أو عن طريق السياسة، أو عن طريق العاطفة، أو عن طريق التاريخ المصطنع، أو عن طريق الخوف الموهوم، لندع لهؤلاء أساليبهم في نقاش الفكرة العربية أو محاربتها أو إضعافها؛ فإن الزمن وحده هو الذي سيجعل من نقاشهم وتشكيكهم عبثاً كان يحاول أن يسد على الحق طريقه، ومتى بدأت الأمم تشق طريقها إلى الحياة، فإرادتها وحدها هي التي تحكم على علم العلماء وفلسفة الفلاسفة وعبث العابثين.