الإسلام، العاملات بأحكامه، فوالله ليوم من أيام الواحدة منهن، يعدل في إنسانيته وجلاله وطهره، عمراً كاملاً من أعمار أولئك اللاتي يتفيأن ظلال هذه الحضارة الفاجرة الغادرة المتمردة المبدلة لصنع الله.
[دهشة!]
أنا لا أزال في دهشة من أمر الأعرابيات في حملهن وولادتهن .. إنها لفي شهرها التاسع وهي أشد ما تكون ثقلاً وعناء بجنينها، وهي مع هذا أشد ما تكون إمعاناً في عملها أو ترحالها في الصحاري والقفار، حتى إذا جاءها المخاض، تنحت عن الطريق قليلاً، فولدت وقطعت حبل السرة لوليدها بالحجر، ثم لفته وألقته على ظهرها وتابعت السير، كأن شيئاً لم يحدث، ولا يعلم أحد ممن في الركب من أمرها شيئاً. ونساؤنا المدنيات تحشد لولادتهن القابلة أو الطبيب، والمساعدة من ممرضة أو قريبة، وتسعف أثناء المخاض بكل ما وصل إليه الطب الحديث من وسائل التيسير وتخفيف الآلام، وتعقيم الأدوات والآلات والأربطة والعلاجات، فإذا ولدت ظلت في فراشها في البيت أو في دار التوليد أياماً لا تغادر سريرها إلا لماماً، وتظل بعد ذلك أياماً أُخر لا تأتي من أعمال البيت إلا بأيسرها وأخفها، والكل يشفقون عليها أن تنزعج أو ينزعج الوليد مدة نفاسها، خشية أن ينالها ما لا تحمد عقباها.