وأما الجامعة العربية كوسيلة وخطة، فالناس إزاءها أيضاً فريقان: فريق يحسن الظن ويغدق الثناء وينسب إليها المعجزات، وفريق يسيء بها الظن ويلحق بها وزر ما أصاب العرب من محن. وإني لأصارحكم إني من الفريق الثاني. وبهذه الروح سأنقذ الجامعة العربية وأتكلم عما منيت به من هزائم منكرة وعما أخفقت فيه من حاولات إخفاقاً ذريعاً.
إن الأمم قد تصاب بنكسات، والدعوات قد تمنى بهزائم، وإن المصلحين قد يتعثرون في أول خطوات الطريق، ولكن هزيمة الجامعة وإخفاقها ليس من ذلك في قليل ولا كثير .. إن هزيمتها هزيمة القادر على الانتصار ولكنه أبى إلا أن ينهزم، وإخفاقها إخفاق القادر على النجاح بيد أنه أبى إلا أن يفشل.
لقد كان لدى زعماء الجامعة العربية حين قيامها كل وسائل النجاح والنصر: من ظروف دولية، ومن وعي قومي عام، ومن قلوب تخفق لرؤية الوحدة العربية حقيقة قائمة، لقد كانت شعوب العرب ورقابهم وأموالهم وثرواتهم وبترولهم وأحاسيسهم، كل ذلك كان أسلحة ماضية في المعارك التي خاضتها الجامعة العربية، ولكن الرؤساء أبوا إلا أن يجعلوها أسلحة مفلولة تلحق بنا أشنع الهزائم.