فجنت منه عسلاً شربه بعض المرضى فشفي، فقالت النحلة: ليت لي بدل كل تمثال زهرة، وقال المريض: ليتهم يحيون ذكرى العظماء بزهور يغرسونها كل عام!
[الأوهام في عصر العلم]
حوَّم طائر معمر في السماء - كان قد أفلت من سفينة نوح ولم يدركه الموت بعد - ثم طاف حتى لف أجواء الأرض كلها، فلما عاد إلى عشه، سأله طائر حدث كان يحاوره: كيف رأيت الأرض بين الأمس واليوم؟ قال الطائر المعمر: لقد تبدلت الأرض غير الأرض في عمرانها وحضارتها، ولكنها لا تزال كما كانت في أوهامها وخرافاتها، قال الطائر الحدث: وكيف ذلك؟ قال الطائر المعمر: لم يكن على الأرض في عهدنا أيام نوح إلا بضعة أصنام تعبد من دون الله، وكان الناس يومئذ بدائيين جاهليين، ولكني وجدت الأرض اليوم بعد عهد الإنسان بآلاف السنين من العلم والحضارة تغص بملايين التماثيل، ما بين أصنام تُعبد، وما بين أنصاب تُمجد، وكانت الأصنام والأنصاب في عهدنا تراباً وأخشاباً وأخجاراً، فأصبحت اليوم معادن ومبادئ ورجالاً، ويخيل إليَّ أن الإنسان في عصر العلم ألبس أوهامه الجاهلية ثياباً علمية، ويخيل إليَّ أيها الطائر الفتى أن أوهام الإنسان كثيراً ما تغلب على علمه وتوجه عقله!