الخصومات الفكرية - وبخاصة ما يتعلق منها بالدين والإصلاح الاجتماعي - فهي لا بد واقعة، والثواب فيها متوفر إن شاء الله لمن لم يبغِ في نقده إلا وجه الحق، وتخليص الناس من الأباطيل والأوهام.
وأنا في هذه الخواطر لم أحاول الغموض في صياغتها، ولا التحدث عن المعاني التي تخطر في بال الفلاسفة، ويدّعيها بعض المتفلسفين، لقد كتبتها بأسلوب تفهمه العامة كما تفهمه الخاصة، وكنت فيها منساقاً مع طبيعتي التي تحب البساطة في كل شيء، وتكره التعقيد في أي شيء.
إنني لست في هذه الخواطر فيلسوفاً ولا حكيماً ولا مفكراً بعيد الغور في الوصول إلى الحقائق، ولكنني صاحب تجارب عملية في الحياة استغرقت من عمري أكثر من ربع قرن، وقد أحببت نقلها إلى من ينتفعون بما نكتب، ويتأثرون بخطانا فيما نفكر، وليس يهمني أن أبدو في نظرهم متفلسفاً، أو أديباً متأنفاً، وإنما يهمني أن أبدو لهم أخاً مرشداً ناصحاً يقول ما يفهمون، ولا يعنتهم في تدبر ما يقرأون.
على أني أعترف أن كثيراً من الخواطر المنثورة في هذا الكتاب تحتمل معانٍ كثيرة، وقد تحتاج إلى شرح يبين المقصود منها، وقد أبقيتها على ما هي عليه من الشمول لتحتمل كل ما تحتمله من معانٍ، وتركت للأخ القارئ أن يفهمها أو يفهم