للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم القيامة، فلا يقضى عليه في الدنيا حكم ما (١) .

وبعضهم ربط الإرجاء بما جرى في شأن علي رضي الله عنه من تأخيره في المفاضلة بين الصحابة إلى الدرجة الرابعة (٢) ، أو إرجاء أمره هو وعثمان إلى الله ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا كفر، وخلص بعضهم من هذا المفهوم إلى وصف الصحابة الذين اعتزلوا الخوض في الفتن التي وقعت بين الصحابة وخصوصاً ما جرى بين علي ومعاوية من فتن ومعارك طاحنة، خلصوا إلى زعم أن هؤلاء هم نواة الإرجاء، حيث توقفوا عن الخوض فيها واعتصموا بالسكوت، وهذا خطأ من قائليه؛ فإن توقف بعض الصحابة إنما كان بغرض ريثما تتجلى الأمور، واستندوا إلى مفهوم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت - أو وقعت - فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه"، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاة" (٣) .

ومن هؤلاء الصحابة الذين امتنعوا عن الخوض في تلك الأحداث المؤسفة: سعد بن أبى وقاص، وأبو بكرة راوي الحديث السابق، وعبد الله بن عمر، وعمران بن الحصين؛ حيث توقفوا ثم أرجئوا الحكم في تلك الفتن وفوضوا أمر المختلفين فيها إلى الله سبحانه وتعالى فلم يحكموا بتخطئة أحد أو


(١) انظر: مقالات الأشعري تعليق ١/٢١٣.
(٢) هذا هو الصواب فإن ترتيب الخلفاء في الفضل مثل ترتيبهم في الخلافة ويبدو الأثر الشيعي في هذا القول واضحاً.
(٣) أخرجه البخاري ١٣/٣٠، ومسلم ١/٢٢١٣، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>