تصويبه مع اعترافهم بفضل الجميع، فكيف يعتبر هؤلاء هم أساس الإرجاء، فإن موقفهم لا يعد التوقف عن الدخول عن نصرة أحد بالسيف، وهم في توقفهم كانوا يستندون إلى النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة، والتي تحذر من الدخول في الفتن، فقد كان هؤلاء يودون لو أن الأمور تمت معالجتها بالصبر والصلح بين المتقاتلين، بدلاً عن التسرع في القتال ابتداء قبل بذل أسباب الوفاق.
وهذا الموقف منهم هو عين الصواب؛ فإن السلامة من قتل المسلم خير من التعيير بالتريث لعدم قتاله.
وليس إرجاء حكم هؤلاء الصحابة في علي ومعاوية هو أساس الإرجاء البدعي، فالواقع أن إطلاق اسم الإرجاء على كل من يقول عن الإيمان: إنه قول أو تصديق بلا عمل، أو القول بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا تنفع مع الكفر طاعة - هو الأغلب في عرف العلماء حينما يطلقون حكم الإرجاء على أحد؛ بل هو المقصود بالإرجاء.
وفي كل ما تقدم يقول الشهرستاني:"الإرجاء على معنيين: أحدهما بمعنى التأخير كما في قوله تعالى: (قالوا أرجه وأخاه) " أي أمهله وأخره. والثاني: إعطاء الرجاء.
أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد. وأما بالمعنى الثاني فظاهر× فإنهم كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وقيل: الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضى عليه بحكم ما