للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدمين قال: "كلما ابتدع شخص بدعة اتسعوا في جوابها، فلذلك صار كلام المتأخرين كثيراً قليل البركة بخلاف كلام المتقدمين فإنه قليل كثير البركة" (١) ، فهل يوجد أوضح من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حقيقة الإيمان حين قال لجبريل في سؤاله عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" (٢) ؟

وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (٣) .

والأحاديث كثيرة في هذا المعنى الذي يوضح حقيقة الإيمان في أنه مركب من أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فمن زعم أنه مؤمن ومصدق بقلبه ولكن لا يؤمن بعمل تلك الأمور الظاهرة للإيمان فقد رد الحديث مهما ادعى من تعليلات، كما أن مجرد الإقرار لا يكفي للدخول في الإسلام عند السلف، فإذا أقر الشخص لكنه رفض العمل متعمداً فهو دليل علي كذبه في إقراره.

فمن أقر بالإسلام ثم امتنع عن الصلاة والزكاة والحج والصيام وغير ذلك من شعائر الإسلام وأصر على الامتناع، فإن المرجئة لا يتجاسرون على الحكم عليه بالكفر لجواز أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، وفاتهم أن الذي يطمئن قلبه بالإيمان تكون شعائر الإسلام أحب إليه من كل فعل، وأن قرة عينه تكون دائماً في القيام بتلك الأعمال والاستزادة منها متقرباً بعملها إلي ربه.


(١) شرح العقدية الطحاوية ص١٣
(٢) أخرجه البخاري ١ /١١٤، ومسلم ١ /١٢٦
(٣) أخرجه البخاري ١ /٥١ بلفظ: "بضع وستون" ومسلم ١ /٢٠٢ بلفظ: " بضع وسبعون " وأخرجه علي الشك: "بضع وسبعون أو بضع وستون".

<<  <  ج: ص:  >  >>