للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها لأن الله وحده هو الأول والآخر.

وقد ظن أن هذا من تنزيه الله تعالى، وهو في الواقع إساءة ظن بقدرة الله تعالى، ولم يعلم أن ما أرا د الله البقاء فإنه يمتنع عليه الانتهاء، فإن الجنة أراد الله لها البقاء والنار كذلك فيستحيل أن تفنيا، وإلا كان فناؤهما تكذيبا لكتاب الله وسنة نبيه، فإن القرآن الكريم مملوء بالأخبار عن بقائهما إلى الأبد.

قال تعالى: (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ} (١) أي غير منقطع إلا إذا شاء الله أن يقطعه، فقوته فوق ذلك، ولكن أخبر عز وجل أنه لم يشأ أن ينقطع أبدا فيجب تصديق ذلك: (ومن أصدق من الله قيلا} .

وقال تعالى: (وما هم منها بمخرجين} (٢) ، " لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى " (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في إثبات هذا المفهوم.

وقد جاءت السنة بتأكيد ثبوت وجود الجنة والنار الآن ودوامهما في المستقبل في أحاديث كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم: (من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس} (٤) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ينادي مناديا يا أهل الجنة! إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا} (٥) .

وورد عن ذبح الموت بين الجنة والنار ثم يقال: (يا أهل الجنة! خلود فلا


(١) سورة هود: ١٠٨.
(٢) سورة الحجر: ٤٨.
(٣) سورة الدخان: ٥٦.
(٤) رواه مسلم ٤/ ٢١٨١.
(٥) أخرجه مسلم ٤/ ١٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>